وحج في الإِسلام ومعه مئة بدنة قد جللها بالحِبرة، وكلها عن أعجازها وأهداها، ووقف بمئة وصيف بعرفة في أعناقهم أطواق الفضة منقوش فيها "عتقاء الله"، عن حكيم بن حزام. وأهدى ألف شاة، له أربعون حديثًا، اتفقا على أربعة منها، روى عنه ابن المسيب، وعروة بن الزبير وعبد الله بن الحارث بن نوفل وغيرهم. مات بالمدينة في داره في زقاق الصواغينيّ، عند بلاط الفاكهة، في خلافة معاوية، سنة خمسين. وقيل سنة أربع، وقيل ثمان وخمسين. وقيل سنة ستين، وهو ابن مئة وعشرين كما مرَّ.
ثم قال: وعن وهيب قال: أخبرنا هشام عن أبيه عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، بهذا أورده معطوفًا على إسناد حكيم بلفظ "وعن وهيب" والظاهر أنه حمله عن موسى بن إسماعيل عنه بالطريقين معًا، وكان هشامًا حدّث به وهيبًا تارة عن أبيه عن حكيم، وتارة عن أبيه عن أبي هُريرة، أو حدّثه به عنهما مجموعًا، ففرقه وهيب أو الراوي عنه، والتعليق وصله الإسماعيلي، ورجاله مرَّ ذكر محلهم في الذي قبله، إلا أبا هريرة، وهو قد مرَّ في الثاني من الإيمان.
أورد حديث ابن عمر من وجهين في ذكر اليد العليا، وإنما أورده ليفسر به ما أُجمل في حديث حكيم. قال ابن رشيد: والذي يظهر أن حديث حكيم بن حِزام لما اشتمل على شيئين: حديث اليد العليا، وحديث لا صدقة إلا عن ظهر غنى، ذكر معه حديث ابن عمر المشتمل على الشيء الأول تكثيرًا لطرقه، ويحتمل أن تكون مناسبة "حديث اليد العليا" للترجمة من جهة أن إطلاق كون اليد العليا هي المنفقة محله ما إذا كان الإنفاق لا يمنع منه الشرع كالمِديان المحجور عليه، فعمومه مخصوص بقوله:"لا صدقة إلا عن ظهر غني" ولم يسق البخاريّ متن طريق حمّاد عن أيوب، وعطف عليه طريق مالك، فربما أوهم أنهما سواء، وفيهما بعض اختلاف قليل.
وقال القرطبيّ: وقع تفسير اليد العليا والسفلى في حديث ابن عمر هذا، وهو نص يرفع الخلاف، ويدفع تعسف من تعسف في تأويله ذلك، لكن ادعى أبو العباس الداني أن التفسير المذكور فدْرَج في الحديث، ولم يذكر مستندًا لذلك. وفي كتاب العسكريّ في الصحابة بإسناد له