قوله: إني أشتكي، في محل النصب مفعول شكوت، وقوله: فطفت، أي راكبة على البعير، حتى يدل الحديث على الترجمة. وقوله: إلى جنب البيت، أي الكعبة؛ لأن البيت عَلَمٌ عليها، وصلاته إلى جنب البيت من أجل أنّ المقامَ كان حينئذ ملصقًا بالبيت قبل أن ينقله عمر، رضي الله تعالى عنه، من ذلك المكان إلى صحن المسجد. وقوله: يقرأ بالطور، أي بسورة الطور، ولم تذكر واو القسم, لأن لفظ الطور صار عَلَما للسورة. قال ابن بطال: في هذا الحديث جوازُ دخول الدواب التي يؤكل لحمها المسجدَ إذا احتيج إلى ذلك؛ لأن بولها لا ينجسه، بخلاف غيرها من الدواب. قال الفتح: وتُعُقّب بأنه ليس في الحديث دلالة على عدم الجواز مع الحاجة، بل ذلك دائر على التلويث وعدمه، فتحيث يخشى التلويث يمتنع الدخول. وقد قيل: إن ناقته عليه الصلاة والسلام كانت مُدَرَّبة معلَّمة، فيؤمن منها ما يحذر من التلويث وهي سائرة، فيحتمل أن يكون بعير أم سلمة كان كذلك.
قلت: في هذا التعقيب نظرٌ؛ لأن التلويث لا يؤمن منه حالة دخول الدواب في المحل، مع طول المكث فيه. ودل إدخال البعير على أن خشية تلويثه غير ضارة، لطهارة رَجِيعها، وكون الناقة مدربة معلمة لا يوجب الأمن رجيَعها، كما