للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الحادي والثمانون]

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ"، ثُمَّ قَالَ: "بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ". ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً. فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: "لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا".

قوله: "مرَّ -صلى الله عليه وسلم- بحائط" أي: بستان، وللمصنف في الأدب: "خرج عليه الصلاة والسلام من بعض حيطان المدينة"، فيُحمل على أن الحائط الذي خرج منه غير الحائط الذي مرَّ به. وفي "الأفراد" للدارقطني من حديث جابر أن الحائط كان لأم مُبَشِّر الأنصارية، وهو يقوي رواية "الأدب"، لجزمها بالمدينة من غير شك. والشك في قوله: "أو مكة" من جرير.

وقوله: "فسمع صوت إنسانَيْن يُعذبان في قبورهما"، قال ابن مالك في قوله: "صوت إنسانيْن" شاهد على جواز إفراد المضاف المثنى إذا كان جزء ما اضيف إليه، نحو: أكلت رأس شاتين، وجمعه أجود نحو: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤]، وقد اجتمع التثنية والجمع في قوله:

ظهراهُما مثلُ ظهورِ الترسَيْنِ

وإن لم يكن المضاف جزء ما أُضيف إليه، فالأكثر مجيئه بلفظ التثنية، نحو: سل الزيدان سيفيهما. فإن أُمن اللَّبْس جاز جعل المضاف بلفظ الجمع،

<<  <  ج: ص:  >  >>