ثلاثة أميال"، وأخرجه الدارقطنيّ عن المحامليّ بلفظ: "على ستة أميال"، ورواه عبد الرزاق عن الزُّهريّ بلفظ: "على ميلين أو ثلاثة" فتحصل من هذا أن أقرب العوالي من المدينة مسافة ميلين، وأبعدها مسافة ستة إن كانت رواية المحاملي محفوظة، وفي "المدونة" عن مالك: "أبعد العوالي مسافة ثلاثة أميال"، قال عياض: كأنَّه أراد معظم عمارتها، وإلا فأبعدها ثمانية أميال، وبذلك جزم ابن عبد البر وغير واحد، آخرهم صاحب "النهاية".
ويحتمل أن يكون أراد أنه أبعد الأمكنة التي يذهب إليها الذاهب في هذه الواقعة، والعوالى عبارة عن القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها، وأما ما كان من جهة تهامتها فيقال لها: "السافلة". واعلم أن قوله: "وبعض العوالي"، إلخ، مُدْرَج من كلام الزهريّ في حديث أنس، بيّن ذلك عبد الرزاق، عن الزهريّ، فقال فيه بعد قوله: "والشمس مرتفعة": قال الزهري: والعوالي من المدينة على ميلين أو ثلاثة. ولم يقف الكرمانيّ على ذلك، فقال: هو إما كلام البخاريّ أو الزهريّ أو أنس، والميل ثلث الفرسخ، وهو ثلاثة آلاف ذراع بذراع محمد بن فرج الشاشي، ويعبر عنه أيضًا بالذراع الهاشميّ، وهو أربعة وعشرون أصبعًا بعدد حروف لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وعرض الأصبع ست حبات من شعير ملتصقة ظهرًا لبطن، والحبة عرضها ست شعرات من شعر البرذون، أو سبعون حبة خردل وزنًا، وقيل: الميل ثلاثة آلاف وخمس مئة ذراع إلى أربعة آلاف ذراع. وقيل: الميل أربعة آلاف خطوة، كل خطوة ذراع ونصف بالذراع المار.
[رجاله أربعة]
الأول: أبو اليمان، والثاني: شعيب بن أبي حمزة، وقد مرا في السابع من بدء الوحي، ومرَّ الزهريّ في الثالث منه، ومرّ أنس في السادس من الإِيمان.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضح واحد، وبصيغة الإفراد في موضع،