قوله:"حلوا بعمرة" أي: بعملها, لأنهم فسخوا الحج إلى العمرة، فكان إحرامهم بالعمرة سببًا لسرعة حلهم.
وقوله:"ولم تحلل" بفتح أوله وكسر ثالثه، أي: لم تحل، وإظهار التضعيف لغة، وقوله:"أنت من عمرتك" أي: المضمومة إلى الحج، فيكون قارنًا كما هو في أكثر الأحاديث، وحينئذ فلا تمسك به لمن قال إنه عليه الصلاة والسلام كان متمتعًا لكونه عليه الصلاة والسلام أقر على أنه كان محرمًا بعمرة, لأن اللفظ محتمل للتمتع والقران، فتعين بقوله عليه الصلاة والسلام في رواية عبيدالله بن عمر عند الشيخين: حتى أحل من الحج أنه كان قارنًا، ولا يتجه القول بأنه كان متمتعًا لأنه لا جائز أن يقال إنه استمر على العمرة خاصة، ولم يحرم بالحج أصلًا لأنه يلزم منه أنه لم يحج تلك السنة، وهذا لا يقوله أحد، وقد روى عنه القِران في الأحاديث المتقدمة، وجنح الأصيلي وغيره إلى توهيم مالك في قوله: ولم تحل أنت من عمرتك، وأنه لم يقله أحد في حديث حفصة غيره، وتعقبه ابن عبد البر على تقدير تسليم انفراده بأنها زيادة حافظ فيجب قبولها على أنه لم ينفرد، فقد تابعه أيوب وعبيد الله بن عمر، وهما مع ذلك حفاظ أصحاب نافع، ورواية عبيد الله بن عمر عند مسلم.
وقد أخرجه مسلم من رواية ابن جريج، والبخاري من رواية موسى بن عقبة، والبيهقي من رواية شعيب بن أبي حمزة، ثلاثتهم عن نافع بدونها، وفي رواية عبيد الله بن عمر عند الشيخين: فلا أحل حتى أحل من الحج كما مرَّ، ولا تنافي هذه رواية مالك لأن القارن لا يحل من العمرة ولا من الحج حتى ينحر، فلا حجة فيه لمن تمسك به في أنه عليه الصلاة والسلام كان متمتعًا لأن قول حفصة: ولم تحل من عمرتك.
وقوله:"هو حتى أحل من الحج" ظاهر في أنه كان قارنًا، وأجاب من قال كان مفردًا عن قوله: ولم تحل من عمرتك بأجوبة منها ما قاله الشافعي: معناه ولم تحل أنت من إحرامك