من الثواب والعقاب، واستدل به على جواز المقارنة، ولا دلالة فيه لأنه دل بمنطوقه على منع المسابقة، وبمفهومه على طلب المتابعة، وأما المقارنة فمسكوت عنها، وقد قال ابن بزيزة: استدل بظاهره قوم لا يعقلون على جواز التناسخ، وهو مذهب ردىء مبنيّ على دعاوى بغير برهان، والذي استدل بذلك منهم إنما استدل بأصل النسخ لا بخصوص هذا الحديث. والقول بتناسخ الأرواح معدود من أنواع الردة أعاذنا الله تعالى من جميع أنواعها.
قلت: حقيقة تناسخ الأرواح عند القائلين به هو انتقالها في الآدميين أو غيرهم، وأن تعذيبها وتنعيمها بحسب زكاتها وخبثها، فإن كانت شريرة أخرجت من قالبها الذي هي فيه، وألبست قالبًا يناسب شرها من كلب أو خنزير أو نحو ذلك، فإن أخذت جزاء شرها بقيت في ذلك القالب تنتقل من فرد إلى فرد، وإن لم تأخذه انتقلت إلى قالب أشر منه، وهكذا حتى تستوفي جزاء الشر. وفي الخير تنتقل إلى أعلى، وهكذا، حتى تستوفي جزاء خيرها. والقائل بهذا مُنْكِر للجنة والنار والنشر والحشر والصراط والحساب، مكذب للقرآن والرسل والإجماع. واختار ابن مرزوق، قتله بلا استتابة.
[رجاله أربعة]
مروا كلهم، ومرَّ حَجّاج بن مِنْهال في الثامن والأربعين من الإيمان، ومرَّ شُعْبَة في الثالث منه، وأبو هُرَيْرة في الثاني منه، ومحمد بن زياد الجمحيّ في الثلاثين من العلم.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بصيغة الجمع والعنعنة والسماع والقول، وهو من رباعيات البخاريّ. أخرجه الأئمة الستة. ثم قال المصنف:
[باب إمامة العبد والمولى]
أي العتيق. قال الزين بن المنير: لم يفصح بالجواز، لكن لوح به لإيراده أدلته.
ثم قال: وَكَانَتْ عَائِشَةُ يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ مِنَ الْمُصْحَفِ. وَوَلَدِ الْبَغِيِّ وَالأَعْرَابِيِّ وَالْغُلاَمِ الَّذِى لَمْ يَحْتَلِمْ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- "يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ". ولا يُمنعُ العبدُ منَ الجماعةِ بغيرِ علَّة.
وهذا التعليق وصله أبو داود في كتاب المصاحف عن أبي مَليكة أن عائشة كان يؤمها غلامها ذكوان في المصحف، ووصله ابن أبي شَيْبَةَ عن ابن أبي مَليكة عن عائشة أنها أعتقت غلامًا لها عن دبر فكان يؤمها في رمضان في المصحف، ووصله الشافعي وعبد الرّزّاق عن ابن أبي مَليكة أيضًا أنه كان يأتي عائشة بأعلى الوادي هو وأبوه وعُبَيْد بن عُمَيْر والمسور بن مَخْرَمَةَ وناس كثير، فيؤمهم أبو عمرو مَوْلى عائشة، وهو يومئذ غلام لم يعتق.
وأبو عَمْرو المذكور هو ذكوان، وإلى صحة إمامة العبد ذهب الجمهور، وقال مالك: لا تصح