للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الحادي والستون]

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنْسَاهُ. قَالَ: "ابْسُطْ رِدَاءَكَ" فَبَسَطْتُهُ. قَالَ: فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "ضُمُّهُ" فَضَمَمْتُهُ فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَهُ.

قوله "قلت يا رسول الله" في رواية ابن عساكر "قلت لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم". وقوله "حديثًا كثيرًا" صفة لقوله كثيرًا؛ لأنه اسم جنس، يقناول القليل والكثير، وقوله "أنساه" صفة ثانية لـ"حديثًا" والنسيان زوال علم سابق عن الحافظة والمدركة، والسهو زواله عن الحافظة فقط، ويفرق بينه وبين الخطأ بأن السهو ما ينتبه صاحبه بأدنى تنبيه، بخلاف الخطأ، وقوله "ابسط رداءك فبسطته" أي: لما قال: ابسط امتثلت أمره، فبسطته، وإلا فيلزم من عطف الخبر على الإنشاء، وهو مختلف فيه.

وقوله: "فغرف بيديه" لم يذكر المغروف منه. وكأنها كانت إشارة محضة، وإنما كان الغرف من فيض فضل الله، فجعل الحفظ كالشيء الذي يغرف منه، ورمى به في ردائه، ومثل بذلك في عالم الحسّ، ثم قال "ضمه" أي قال عليه الصلاة والسلام لأبي هريرة: ضمه إليك، بالهاء مع ضم الميم، تبعًا للضاد، وفتحها، وقيل يتعين الضم، لأجل ضمة الهاء، ويجوز كسرها، والضمير يرجع إلى الحديث، كما يدل عليه قوله في غير الصحيح "فغرف بيده" ثم قال "ضم الحديث"، وقوله "فما نسيت شيئًا" مقطوع عن الإضافة، مبنيٌ على الضم، وتنكير "شيئًا" بعد النفي ظاهر في العموم في عدم النسيان منه لكل شيء من الحديث وغيره. وفي رواية ابن عُيَيْنة "فوالذي بعثه بالحق ما نسيت شيئًا سمعته منه". وفي رواية يونس عند مسلم "فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئًا حدثني به" وهذا يقتضي تخصيص عدم النسيان بالحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>