أو حال التفاته في السلام. ومشهور مذهب مالك أن المصلي إذا كان في خضخاض لا يجد أن يصلي إلاَّ فيه كان في أول الوقت أخر الصلاة حتى يجد مكانًا يصلي فيه، وإن كان آيسًا من وجوده أو خاف خروج الوقت صلَّى على دابته إيماء إن خشي الغرق أو خشي تلوث ثيابه خلافًا لابن عبد الحكم وأشهب وابن نافع القائلين أنه ينزل ويسجد وإن تلطخت ثيابه. وعلى المشهور هل تقيد الثياب بفسادها بالغسل أو لا؟ الثاني نقله ابن عرفة نصًا، والأول نقله تخريجًا وهو يفيد ضعفه وإن لم يخف الغرق ولا تلويث الثياب نزل وصلّى قائمًا يركع من قيام ويومىء للسجود.
وفي الحديث أيضًا الأمر بطلب الأولى والإرشاد إلى تحصيل الأفضل وأن النسيان جائز على النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا نقص عليه في ذلك لاسيما فيما لم يؤذن له في تبليغه، وقد يكون في ذلك مصلحة تتعلق بالتشريع كما في السهو في الصلاة أو بالإجتهاد في العبادة كما في هذه القصة؛ لأن ليلة القدر لو عينت في ليلة بعينها حصل الاقتصار عليها، ففاتت العبادة في غيرها وكان هذا المراد بقوله: عسى أن يكون خيرًا لكم كما يأتي في "التراويح"، وفيه استعمال رمضان بدون شهر واستحباب الاعتكاف فيه وترجيح اعتكاف العشر الأواخر، وأن من الرؤيا ما يقع تعبيره مطابقًا وترتب الأحكام على رؤيا الأنبياء وفي أول قصة أبي سَلَمة المشي في طلب العلم وإيثار المواضع الخالية للسؤال، وإجابة السائل لذلك واجتناب المشقة في الاستفادة وابتداء الطالب بالسؤال، وتقديم الخطبة على التعليم وتقريب البعيد في الطاعة، وتسهيل المشقة فيها بحسن التلطف والتدريج إليها. وقيل ويستنبط منه جواز تغيير مادة الأنبياء من الأوقاف بما هو أقوى منها وأنفع.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا، مرّ موسى بن إسماعيل في الخامس من بدء الوحي، ومرّ همام في الرابع والثمانين من الوضوء، ومرّ يحيى بن أبي كثير في الثالث والخمسين من العلم، ومرّ أبو سَلَمة في الرابع من بدء الوحي، ومرّ أبو سعيد الخدري في الثاني عشر من الإيمان. أخرجه البخاري في مواضع في الصلاة، وفي الصوم, والاعتكاف. وأخرجه مسلم وابن ماجه في الصوم، وأبو داود في الصلاة والنَّسائيّ في الاعتكاف. ثم قال المصنف:
[باب عقد الثياب وشدها ومن ضم إليه ثوبه إذا خاف أن تنكشف عورته]
كأنه يشير إلى أن النهي الوارد عن كف الثياب في الصلاة محمول على في حالة الاضطرار، ووجه إدخال هذه الترجمة في أحكام السجود من جهة أن حركة السجود والرفع منه تسهل مع ضم الثياب وعقدها لا مع إرسالها وسدلها قاله الزين بن المنير.