[باب الصدقة على موالي ازواج النبي -صلى الله عليه وسلم-]
لم يترجم لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا لمواليه، لأنه لم يثبت عنده فيه شيء، وقد نقل ابن بطال أنهنَّ، أي: الأزواج، لا يدخلن في ذلك باتفاق الفقهاء. وفيه نظر، فقد نقل ابن قُدامة أن الخلال أخرج عن أبي مليكة عن عائشة قالت: إنّا آل محمد لا تحل لنا الصدقة. قال: وهذا يدل على تحريمها، وإسناده إلى عائشة حسن. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا، وهذا لا يقدح فيما نقله ابن بطال. وروى أصحاب السنن، وصححه ابن حِبّان والتِّرمذيّ عن أبي رافع مرفوعًا "إنا لا تحل لنا الصدقة، إن موالي القوم من أنفسهم".
وبحرمتها على مواليه عليه الصلاة والسلام قال أحمد وأبو حنيفة ويعض المالكية، كابن الماجشون: وهو الصحيح، عند الشافعية. وقال الجمهور: تجوز لهم، لأنهم ليسوا منهم حقيقة، ولذا لم يعوضوا بخُمس الخمس، ومنشأ الخلاف قوله "منهم أو من أنفسهم" هل يتناول المساواة في حكم تحريم الصدقة أو لا؟ وحجة الجمهور أنه لا يتناول جميع الأحكام، فلا دليل فيه على تحريم الصدقة، لكنه ورد على سبب الصدقة، وقد اتفقوا على أنه لا يخرج السبب، وإن اختلفوا هل يخص به أو لا، ويمكن أن يستدل لهم بحديث الباب؛ لأنه يدل على جوازها لموالي الأزواج، وقد تقدم أن الأزواج ليسوا في ذلك من جملة الآل، فمواليهم أحرى بذلك، قال ابن المنير: إنما أورد البخاريّ هذه الترجمة، ليحقق أن الأزواج لا يدخل مواليهنّ في الخلاف، ولا تحرم عليهنّ الصدقة قولًا واحدًا، لئلا يظن ظانٌّ أنه لما قال بعض الناس بدخول الأزواج في الآل أنه يطرد في مواليهن، فبين أنه لا يطرد.
قوله: أُعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة، هذا هو موضع الترجمة من الحديث، فإن مولاة ميمونة أُعطيت من الصدقة، فلم ينكر عليها، فدل على أن موالي أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، تحل لهم