سجدت؛ لأنها لم تصح بها سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أُجمع عليها وإنما جاء فيها أثر مرسل. وهذا غفلة عمّا مرّ عند أبي داود والحاكم عن عمرو بن العاص أنه -عليه الصلاة والسلام- أقرأه خمس عشرة سجدة.
قوله:"وسجد مَنْ معه غير شيخ" سماه في تفسير سورة والنجم عن أبي إسحاق أمية بن خلف، وفي سيرة ابن إسحاق أنه الوليد بن المغيرة، وفيه نظر؛ لأنه لم يقتل، وفي تفسير سند الوليد بن المغيرة، أو عتبة بن ربيعة بالشك، وفيه نظر لما أخرجه الطبراني عن مخرمة بن نوفل قال: لما أظهر النبي -صلى الله عليه وسلم- الإِسلام أسلم أهل مكة حتى أنه كان ليقرأ السجدة، فيسجدون، فلا يقدر بعضهم أن يسجد من الزحام، حتى قدم رؤساء قريش: الوليد بن المغيرة، وأبو جهل وغيرهما، وكانوا بالطائف، فيهجعوا وقالوا: تَدعَون دين آبائكم، لكن في ثبوت هذا نظر؛ لقول أبي سفيان في الحديث الطويل: أنه لم يرتد أحد ممن أسلم، ويمكن الجمع بأن النفي مقيد بمن ارتد سخطًا، لا بسبب مراعاة خاطر رؤسائه.
وروى الطبري عن سعيد بن جبير أن الذي رفع التراب فسجد عليه هو سعيد بن العاص بن أمية أبو أحيحة. وتبعه النحاس، وذكر أبو حيان في تفسيره أنه أبو لهب، ولم يذكر مستنده. وفي مصنّف ابن أبي شيبة عن أبي هريرة:"سجدوا في النجم إلا رجلين من قريش" أراد بذلك الشهرة وللنسائي بإسناد صحيح عن المطلب بن أبي وداعة قال: قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة "والنجم" فسجد، وسجد مَنْ عنده، فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد، ولم يكن المطلب يومئذ أسلم. قال المطلب: فلا أدع السجود فيها أبدًا، ويحتمل أن يكون الجميع ممن ذكر لم يسجدوا، والتعميم في كلام ابن مسعود بالنسبة إلى ما أطلع عليه أو خص واحدًا بذكر؛ لاختصاصه بأخذ الكف من التراب دون غيره، لكن لا يفسر الذي في حديث ابن مسعود إلا بأمية؛ لأنه هو الذي قتل كافرًا، وأفاد المصنف في رواية إسرائيل في تفسير والنجم أن النجم أوّل سورة أنزلت فيها سجدة، وهذا هو السر في براءة المصنف في هذه الأبواب بهذا الحديث، واستشكل بأن "اقرأ باسم ربك" أوّل السور نزولًا، وفيها أيضًا سجدة، فهي سابقة على والنجم. وأجيب بأن السابق من اقرأ أوائلها، وأمّا بقيتها فنزلت بعد ذلك، بدليل قصة أبي جهل في نهيه للنبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة أو الأولية مقيدة بشيء محذوف بينته رواية أبي إسحاق عند ابن مردويه بلفظ: أن أول سورة استعلن بها رسول -صلى الله عليه وسلم- والنجم. وله