للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد أخرج ابن سعد والواقدي وغيرهما أن عثمان هذا خرج مع النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين مشركًا يريد أن يغتال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرأى من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غرة، قال: فجئته من خلفه فدنوت، ثم دنوت، حتى إذا لم يبق إلا أن أتره بالسيف، وقع لي شهاب من نار كالبرق، فرجعت القهقرى، فالتفت إلى، فقال: "تعال يا شيبة"، فوضع يده على صدري، فرفعت إليه بصري، وهو أحب إلى من سمعي وبصري، وفي رواية: إنه لما أقبل يريد ذلك رآه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال له: "يا شيبة! هلمّ لا أم لك"، فقذف الله في قلبه الرعب ودنا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ووضع يده على صدره، ثم قال: "أخسىء عنك الشيطان"، فأخذه ونزع وقذف الله في قلبه الإيمان, فأسلم، وقاتل بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان ممن صبر معه حينئذٍ، وكان من خيار المسلمين.

وروى ابن سعد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا شيبة بن عثمان فأعطاه مفتاح الكعبة، وقال: "دونك هذا فأنت أمين الله على بيته"، وروى مصعب الزبيري أنه دفعه إليه وإلى ابن عمه عثمان بن طلحة بن أي طلحة، وقال: "خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة إلى يوم القيامة، يا بني أبي طلحة لا يأخذها منكم إلا ظالم"، وذكر الواقدي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاها يوم الفتح لعثمان، وأن عثمان ولي الحجابة إلى أن مات، فوليها شيبة، فاستمرت في ولده، قال ابن عبد البر: شيبة هذا هو جد بني شيبة، حجبة البيت إلى اليوم دون سائر الناس أجمعين، وقال يعقوب بن سفيان: أقام شيبة للناس الحج سنة تسع وثلاثين، وكان السبب في ذلك أن عليًا بعث قثم بن العباس ليقيم للناس الحج، ويعث معاوية يزيد بن شجرة، فتنازعا، فسعى بينهما أبو سعيد الخدري وغيره، فاصطلحا على أن يقيم الحج شيبة بن عثمان، ويصلي بالناس، وله في البخاري هذا الحديث عن عمر.

روى عن: النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر، وروى عنه: أبو وائل، وعكرمة، وابنه مصعب، وغيرهم، مات في آخر خلافة معاوية سنة تسع وخمسين، وقيل: توفي في أيام يزيد، وأوصى إلى عبد الله بن الزبير، وذكره بعضهم في المؤلفة قلوبهم وهو من فضلائهم.

[لطائف إسناده]

فيه التحديث بالجمع والعنعنة والقول، ورواته: بصريان وكوفيون، أخرجه البخاري في الاعتصام أيضًا، وأبو داود وابن ماجه في الحج.

ثم قال المصنف:

<<  <  ج: ص:  >  >>