ولا يخفى ما فيه، وفيه استحباب المبادرة إلى دفن الميت، لكن بعد أن يتحقق أنه مات، أما مثل المطعون والمفلوج والمسبُوت، فينبغي أن لا يسرع بدفنهم، حتى يمضي يوم وليلة، ليتحقق موتهم. نبه على ذلك ابن بُزَيزة، ويؤخذ منه ترك صحبة أهل البطالة، وغير الصالحين.
فإن قلت: ما ذكر من الإسراع يعارضه ما رواه البخاري ومسلم عن عطاء قال: "حضرنا مع ابن عباس رضي الله عنهما جنازة مَيمونة، رضي الله تعالى عنها، بِسَرفٍ، فقال ابن عباس: هذه ميمونة، إذا رفعتم نَعْشها، فلا تزعزعوه ولا تزلزلوه، وارفقوا. وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن بنت أبي بُردة عن أبي موسى قال: "مرَّ على النبي -صلى الله عليه وسلم- بجنازة، وهي تمخض كما يمخض الزق، فقال: عليكم بالفصد في جنائزكم"، فإن هذا يدل على استحباب الرفق بالجنازة، ترك الإِسراع.
أُجيب بأنّ ابن عباس أراد الرفق في كيفية العمل، لا في كيفية المشيء بها، وحديث أبي موسى منقطع بين بنت أبي بُردة وأبي موسى، ومع ذلك فهو ظاهر في أنه كان يفرط في الإسراع بها، ولعله خشي انفجارها، وخروج شيء منها، وكذا الحكم عند ذلك في كل موضوع.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا، مرَّ عليّ بن عبد الله المِدْينيّ في الرابع عشر من العلم، ومرَّ ابن عُيينة في الأول من بدء الوحي، والزهري في الثالث منه، وابن المسيب في التاسع عشر من الإِيمان, وأبو هريرة في الثاني منه.