ثم قال: قال أبو عبد الله: صبأ خرج من دين إلى غيره، وهذه في رواية المستملي وحده، ووقع في نسخة الصغانيّ: صبأ فلان انخلع، وكذلك أصبأ، والمراد بأبي عبد الله البخاريُّ نفسه. ثم قال: وقال أبو العالية: الصابئين فرقة من أهل الكتاب يقرأون الزبور، وهذا أيضًا في رواية المستملي وحده، ووقع في نسخة الصغاني: أصبُ أمِل، وقيل: هم منسوبون إلى صابىء بن متوشلح عم نوح عليه السلام. وروى ابن مردويه بإسناد حسن عن ابن عباس قال: الصابؤن ليس لهم كتاب. وقال البيضاويّ: الصابئين قوم بين النصارى والمجوس. وقيل: أصل دينهم دين نوح. وقيل لهم عبدة الملائكة، وقيل: عَبَدة الكواكب.
وإنما أورد المصنف هذا هنا ليبين الفرق بين الصابي المروي في الحديث، والصابىء المنسوب لهذه الطائفة المذكورة. قلت: يحتمل عندي، وهو الظاهر، أنّ البخاريّ أتى بهذا قاصدًا تفسير اللفظ المذكور في الحديث، لما تدل عليه نسخة الصغانيّ. وهذا التعليق وصله ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عنه. وأبو العالية المراد به الرَّيَّاحيّ، وقد مرَّ في تعاليق الثاني من كتاب العلم. ثم قال
[باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم]
قوله: المرض، أي المتلف وغيره، كزيادته ونحو ذلك، كشين في عضو. وقوله: أو خاف العطش، أي لحيوان محترم من نفسه أو رقبته، ولو في المستقبل، أو غير ذلك من كل محترم. وقوله: تيمم، وللأصيليّ وابن عساكر يتيمم، أي مع وجود الماء. ثم قال: ويذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة، وتلا {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}[النساء: ٢٩] فذكر للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم يعنف. هذا التعليق رواه أبو داود والحاكم عن يحيى من أيوب موصولًا بلفظ "احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذاتِ السلاسل، فأشفقت أن أغتسل فأهلك، فتيممت فصليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت ... " فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله تعالى يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ