لطائف إسناده: منها أن فيه التحديث والعنعنة، وفيه شيخان للبخاري وهما أحمد بن يونُس وموسى بن إسماعيل، وفيه أربعة كلهم مدنيون، أخرجه البخاري هنا، ومسلم في كتاب الإِيمان، والنّسائي نحوه، والترمذي بلفظ غير المذكور هنا ثم قال المؤلف.
باب إذا لم يكن الإِسلام على الحقيقة وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل لقوله تعالى:{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} فإذا كان على الحقيقة فهو على قوله جل ذكره: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} ومن يبتغ غير الإِسلام دينًا فلن يقبل منه.
باب بالتنوين، وقوله:"إذا" متضمن معنى الشرط، وجوابه محذوف، أي: إذا كان الإِسلام على ما ذُكر لا يُنتفَع به في الآخرة.
ومحصل ما ذكره أن الإِسلام يُطلق وتراد به الحقيقة الشرعية، وهو الذي يرادف الإِيمان، وينفع عند الله، وعليه قوله تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: ١٩] ويُطلق وُيراد به الحقيقة اللغوية، وهو مجرد الانقياد والاستسلام، فالحقيقة في كلام المصنف هنا هي الشرعية، ومناسبة الحديث للترجمة ظاهرة من حيث أن المسلم يُطلق على من أظهر الإِسلام وإن لم يُعْلَم باطنه، فلا يكون مؤمنًا لأنه ممن لم تَصْدُق عليه الحقيقة الشرعية، وأما اللغوية فحاصلة.
فقوله:"وكان على الاستسلام" أي: الانقياد والظاهر.
وقوله:"لقوله تعالى" في رواية: "عَزَّ وَجَلَّ " بدل تعالى.
وقوله:{قَالَتِ الْأَعْرَابُ}[الحجرات: ١٤] المراد بهم أهل البدو، ولا واحد له من لفظه، ومقول قولهم قوله:{آمَنَّا}[الحجرات: ١٤] نزلت في نفر من بني أسلم قدموا المدينة في سنة جَدْب، وأظهروا الشهادتين، وكانوا يقولون لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أتيناك بالأثقال والعِيال، ولم نقاتِلك كما قاتلك بنو فلان، يريدون الصدقة ويَمُنّون،