بالمشاهدة، والإيمان الموجب للثواب هو الإيمان بالغيب، وينبغي أن يتأمل كيف أبقى الله الحجر على صفة السواد أبدًا مع ما مسه من أيدي الأنبياء والمرسلين المقتضي لتبييضه ليكون ذلك عبرة لذوي الأبصار، وواعظًا لكل من وافاه من ذوي الأفكار، ليكون ذلك باعثًا على مباينة الزلات، ومجانبة الذنوب الموبقات.
قوله:"عن إبرهيم" هو ابن يزيد النخعي، وقد رواه سفيان الثوري بإسناد آخر عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، عن عمر، أخرجه مسلم.
وقوله:"إني أعلم أنك حجر" في رواية أسلم الآتية بعد باب عن عمر أنَّه قال: أما والله إني لأعلم أنك.
وقوله:"لا تضر ولا تنفع"، أي: إلا بإذن الله، وروى الحاكم عن أبي سعيد الخدري أن عمر لما قال هذا، قال له علي بن أبي طالب: إنه يضر وينفع، وذكر أن الله لما أخذ المواثيق على ولد آدم كتب ذلك في رق وألقمه الحجر، وقال: قد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان ذلق، وعينان وشفتان يشهد لمن استلمه بالتوحيد"، وفي رواية: يتشهد لمن وافاه بالموافاة فهو أمين في هذا الكتاب"، فقال له عمر: لا أبقاني الله في أرض لستَ بها يا أبا الحسن، وفي إسناده أبو هارون العبدي، وهو ضعيف جدًا، وقد روى النسائي من وجه آخر ما يشعر بأن عمر رفع قوله ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-, أخرجه عن ابن عباس، قال: رأيت عمر قبَّل الحجر ثلاثًا، ثم قال: إنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَبَّلَكَ ما قَبَّلْتُكَ، ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعل مثل ذلك.
ومن غرائب المتون ما في ابن أبي شيبة في آخر مسند أبي بكر رضي الله تعالى عنه عن رجل رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقف عند الحجر، فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ثم قَبَّلَه، ثم حج أبو بكر رضي الله تعالى عنه، فوقف عند الحجر فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُقَبَّلك ما قَبَّلْتُكَ، فليراجع إسناده، فإن صح حكم ببطلان حديث الحاكم لبعد أن يصدر هذا الجواب عن علي، أعني قوله: "بل يضر وينفع" بعدما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تضر ولا تنفع" لأنه صورة معارضة لا جرم أن الذهبي قال