الزهري في هذا الحديث: فأمرها بالغسل لكل صلاة. فقد طعن الحفاظ في هذه الزيادة؛ لأن الأثبات من أصحاب الزهري لم يذكروها، وقد مرَّ تصريح الليث بنفي ذكره لها. لكن روى أبو داود عن زينب بنت أبي سلمة أنه أمرها أن تغتسِل عند كل صلاة، فيُحمل الأمر على الندب جمعا بين الروايتين: هذه، ورواية عكرمة. وقد حمله الخطابي على أنها كانت متحيرة، وفيه نظر لما مرَّ عن عكرمة أنه أمرها أن تنتظر أيام أقرائها. ولمسلم عن عروة في هذه القصة: فقال لها: "امكثي قدرَ ما كانت تحبِسك حيضتُك"، ولأبي داود عن الأوزاعي وابن عُيينة عن الزهري في حديث الباب نحوه، لكن استنكر أبو داود هذه الزيادة في حديث الزهري، وأجاب بعض من قال: إنها كانت مميزة بأن قوله: "فأمرها أن تغتسل لكل صلاة" أي: من الدم الذي أصابها؛ لأنه من إزالة النجاسة، وهو شرط في صحة الصلاة.
وقال الطحاوي: حديث أُم حبيبة منسوخ بحديث فاطمة بنت أبي حُبيش، أي: لأن فيه الأمم بالوضوء لكل صلاة لا الغسل، والجمع بين الحديثين يحمل الأمر في حديث أُم حبيبة على الندب أولى.
وقوله:"إنما ذلك عِرْق" استدل به الحنفية على إيجاب الوضوء بخروج الدم من غير السبيلين؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- علّل نقض الطهارة بخروج الدم من العِرْق، وكل دم يبرز من البدن فإنما يبرز من عرق؛ لأن العروق هي مجاري الدم من الجسد.
وقال الخطابي: ليس معنى الحديث ما ذهب إليه هؤلاء، ولا مراد النبي عليه الصلاة والسلام من ذلك ما توهَّموه، وإنما أراد أن العلة إنما حدثت بها من تصدع العرق، وتصدع العرق علة معروفة عند الأطبّاء، يحدث ذلك عند غلبة الدم، فتتصدع العروق، إذا امتلأت تلك الأوعية.
[رجاله ستة]
الأول: محمد بن سلام البِيْكَنْدي، وقد مرَّ في الثالث عشر من كتاب