رواه النسائي عن حمّاد بن زيد، عن هشام، وقد رواها الدارِمي عن يحيى بن سليم، عن هشام.
وفي الحديث دليل على أن المرأة إذا ميَّزت دم الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا انقضى قدره اغتسلت عنه، ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث، فتتوضأ لكل صلاة، لكنها لا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة مؤدّاة أو مَقْضِيّة، لظاهر قوله:"ثم توضّئي لكل صلاة"، وبهذا قال الجمهور.
وعند الحنفية أن الوضوء متعلِّق بوقت الصلاة، فلها أن تصلي به الفريضة الحاضرة وما شاءت من الفوائت ما لم يخرُج وقت الحاضرة، وعلى قولهم، المراد بقوله: وتوضئي لكل صلاة، أي: لوقت كل صلاة، ففيه مجاز الحذف، ويحتاج إلى دليل. وعند المالكية: يستحب لها الوضوء، ولا يجب إلا يحدث آخر. وقال أحمد وإسحاق: إن اغتسلت لكل فرض فهو أحوط.
وكون المستحاضة لا يجب عليها إلا الوضوء كسائر الأحداث هو مذهب الجمهور، وما ورد في حديث عائشة عند البخاري من أن أُم حبيبة، تعني ابنة جحش رضي الله تعالى عنها، كانت مستحاضة فأمرها أن تغتسل، وقال:"هذا عرق"، فكانت تغتسل لكل صلاة، فهذا الأمر الوارد منه عليه الصلاة والسلام بالاغتسال مطلق لا يدل على التكرار، فلعلها فهمت طلب ذلك منها بقرينة، فلهذا كانت تغتسل لكل صلاة.
وقال الشافعي: إنما أمرها عليه الصلاة والسلام أن تغتسل وتصلي، وإنما كانت تغتسل لكل صلاة تطوعًا، وكذا قال الليث في روايته عند مسلم: لم يذكر ابن شهاب أنه -صلى الله عليه وسلم- أمرها أن تغتسل لكل صلاة، ولكنه شيء فعلته هي.
ويؤيده ما رواه أبو داود عن عكرمة أن أُم حبيبة استُحيضت، فأمرها -صلى الله عليه وسلم- أن تنتظر أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصلي، فإذا رأت شيئًا من ذلك توضأت وصلت.
وأما ما وقع عند أبي داود من رواية سليمان بن كَثير وابن إسحاق، عن