بمزدلفة من إناخة الرواحل، ويدل عليه ما تقدم من الطرق التي فيها جمع بينهما وصلاهما جميعًا، وفيه حجة على مَنْ حمل أحاديث الجمع على الجمع الصوري، قال إمام الحرمين: ثبت في الجمع أحاديث نصوص لا يتطرق إليها تأويل. ودليله من حيث المعنى الاستنباط من الجمع بعرفة ومزدلفة، فإن سببه احتياج الحاج إليه لاشتغالهم بمناسكهم، وهذا المعنى موجود في كل الأسفار ولم تتقيد الرخص كالقصر والفطر بالنسك إلى أن قال: ولا يخفى على منصف أن الجمع أرفق من القصر، فإنّ القائم إلى الصلاة لا يشق عليه ركعتان يضمهما إلى ركعتيه. ورفق الجمع واضح لمشقة النزول على المسافر، واحتج به مَنْ قال باختصاص الجمع لمن جدَّ به السير. وسيأتي ذلك في الباب الذي بعده. وقوله:"من جوف الليل" أي: يتهجد.
وروى ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان لا يتطوع في السفر قبل الصلاة، ولا بعدها وكان يصلي من الليل. قال القسطلاني: وإذا قلنا بمشروعية الرواتب في السفر وهو مذهبنا، فإن جمع الظهر والعصر قدم سنة الظهر التي قبلها، وله تأخيرها، سواء جمع تقديمًا أو تأخيرًا وتوسطها إن جمع تأخيرًا سواء قدّم الظهر أم العصر وأخّر سنتها الذي بعدها، وله توسيطها إن جَمع تأخيرًا. وقدم الظهر وأخّر عنهما سنة العصر، وله توسطها وتقديمها إن جَمع تأخيرًا، سواء قدّم الظهر أم العصر، وإذا جَمع المغرب والعشاء أخّر سنتيهما مرتبة سنة المغرب، ثم سنة العشاء ثم الوتر، وله توسيط سنة المغرب إن جَمع تأخيرًا وقدّم المغرب، وتوسيط سنة العشاء إن جَمع تأخيرًا وقدّم العشاء، وما سوى ذلك ممنوع.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا، مرّ أبو اليمان وشعيب في السابع من بدء الوحي، ومرّ الزهري في الثالث منه، ومرّ سالم في السابع عشر من الإيمان، وأبوه في أوله قبل ذكر حديث منه.
[الحديث التاسع العشرون]
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: أخبرنا عَبْدُ الصَّمَدِ بن عبد الوارث قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِى حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ فِي السَّفَرِ. يَعْنِي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ.
هذا الحديث قد مرّ في الباب الذي قبله.
[ورجاله ستة]
قد مرّوا، إسحاق يحتمل أنه ابن منصور الكوسج، وقد مرّ في الخامس والثلاثين من الإيمان، ويحتمل أنه ابن راهويه، وقد مرّ في تعليق بعد الحادي والعشرين من العلم، ومرّ يحيى بن أبي كثير في الثالث والخمسين منه، ومرّ عبد الصمد في السادس والثلاثين منه، ومرّ محل حرب في