قوله: مستلقيًا في المسجد، أي على ظهره. وقوله: واضعًا إحدى رجليه على الأخرى، هذا بظاهره معارض لما أخرجه مسلم في اللباس عن جابر "نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنْ يضعَ الرجل إحدى رجليه على الأخرى، وهو مستلقٍ على ظهره" ويجمع بينهما بأن النهي الوارد عن ذلك إما منسوخ، أو الجواز مختص به عليه الصلاة والسلام، أو يحمل النهي حيث يُخشى أن يبدو العورة. والجواز حيث يؤمن ذلك، والأخير أولى؛ لأن ادعاء النسخ لا يثبت بالاحتمال، وكذلك الخصائص. ولما ثبت أن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم كانوا يفعلون ذلك، دل على أنه ليس منسوخًا، وليس خاصًا به صلى الله تعالى عليه وسلم، بل هو جائز مطلقًا. والظاهر أن فعله صلى الله تعالى عليه وسلم كان لبيان الجواز. وكان ذلك في وقت الاستراحة لا عند مجتمع الناس، أما عرف من عادته من الجلوس بينهم بالوقار التام، صلى الله تعالى عليه وسلم.
قال الخطابيّ: فيه جواز الاتكاء في المسجد والاضطجاع، وأنواع الاستراحة، وفيه أن الأجر الوارد للأثبت في المسجد لا يختص بالجالس، بل يحصل للمستلقي أيضًا.
[رجاله خمسة]
الأول: عبد الله بن مسلمة، وقد مرَّ في الثاني عشر من كتاب الإيمان، ومرَّ