لم يبين حكم ذلك، وذهب الجمهور إلى أن ذلك الجمع المذكور يختص بمن يكون مسافرًا بشرطه، وعن مالك والأوزاعي وهو وجه للشافعية، فيه أن الجمع بعرفة جمع للنسك، فيجوز لكل أحد، وهذا قول أبي يوسف ومحمد، وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن القاسم بن محمد، سمعت ابن الزبير يقول: إن من سنة الحج أن الإِمام يروح إذا زالت الشمس يخطب، فيخطب الناس، فإذا فرغ من خطبته نزل فصلى الظهر والعصر جميعًا، واختلف فيمن صلى وحده كما يأتي قريبًا.
ثم قال: وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما إذا فاتته الصلاة مع الإِمام جمع بينهما.
وصله إبراهيم الحربي في المناسك له عن همام أن نافعًا حدثه أن ابن عمر كان إذا لم يدرك الإِمام يوم عرفة جمع بين الظهر والعصر في منزله، وأخرج الثوري في جامعه عن نافع مثله، وأخرجه ابن المنذر، وبهذا قال الجمهور، وخالفهم في ذلك النخعي والثوري وأبو حنيفة، فقالوا: يختص بمن صلى مع الإِمام، وخالف أبا حنيفة في ذلك صاحباه، والطحاوي، ومن أقوى الأدلة لهم صنيع ابن عمر هذا، وقد روى حديث جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الصلاتين، وكان مع ذلك يجمع وحده، فدل على أنه عرف أن الجمع لا يختص بالإمام، ومن قواعدهم أن الصحابي إذا خالف ما روى دل على أن عنده علمًا بأن مخالفه أرجح تحسينًا للظن به، فينبغي أن يقال هذا هنا، وأما صلاة المغرب فعند أبي حنيفة ومحمد وزفر: يجب تأخيرها إلى العشاء، فلو صلاها في الطريق أعاد، وعن مالك: يجوز لمن به أو بدابته عذر، فيصليها، لكن بعد مغيب الشفق الأحمر إن وقف مع الإِمام، وإن لم يقف معه صلى كل واحدة في وقتها، وعن "المدونة": يعيد من صلى المغرب قبل أن يأتي جمعًا، وكذا من جمع بينها وبين العشاء بعد مغيب الشفق، فيعيد العشاء، وعن أشهب: إن جاء جمعًا قبل الشفق جمع، وقال ابن القاسم: حتى يغيب، وعند الشافعية وجمهور أهل العلم: لو جمع تقديمًا أو تأخيرًا قبل جمع أو بعد أن نزلها أو أفرد أجزأ، وفاتت السنة، واختلافهم مبني على أن الجمع بعرفة وبمزدلفة للنسك أو للسفر، وعند المالكية لا يجمع العرفي بعرفة ولا المزدلفي