فيه أن الأذان شعار الإِسلام، وأنه لا يجوز تركه، ولو أن أهل بلد اجتمعوا على تركه كان للسلطان قتالهم عليه. وهذا أحد أقوال العلماء المتقدمة.
وقال الشافعية: إن من نطق بالتشهد في الأذان حكم بإسلامه إلا إذا كان عِيسويًّا؛ لأن العِيْسَوية طائفة من اليهود، أُحدثت في آخر دولة بني أمية، فاعترفوا بأن محمدًا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، لكن إلى العرب خاصة، وهم منسوبون إلى رجل يقال له أبو عيسى، أحدث لهم ذلك.
وعند المالكية: أن الكافر لا يكون مسلمًا بأذانه. وقال ابن عطاء الله: إنه يكون به مسلمًا، ورجحه بعضهم، وعلى أنه يكون به مسلمًا لو رجع عن الإِسلام يكون مرتدًا إن وُقِف على الدعائم، أي: عرف أركان الإِسلام من صلاة وزكاة وصيام وحج، وإن لم يوقف على الدعائم لم يكن مرتدًا، وفي العينيّ أن كونه مسلمًا به مقيد يكون ذلك في حق المشرك وحق من لم يكن بين المسلمين، بخلاف الكتابيّ، والذي يخالط المسلمين، فلا يصير مسلمًا بذلك.
[رجاله أربعة]
الأول: قُتيبة، وقد مرّ في العشرين من الإيمان، ومرّ إسماعيل بن جعفر في السادس والعشرين منه، ومرّ حُمَيد الطويل في الثاني والأربعين منه، ومرّ أَنس في السادس منه، ومرّ أبو طَلْحة في السادس والثلاثين من الوضوء. أخرجه البُخاريّ هنا وفي الأذان.
ثم قال المصنف:
[باب ما يقول إذا سمع المنادي]
هذا لفظ رواية أبي داود الطَّيَالسيّ، عن يونس، عن الزُّهريّ في حديثِ الباب، وآثر المصنف عدم الجزم بحكم ذلك، لقوة الخلاف فيه، كما يأتي. فظاهر صنيعه يقتضي ترجيح ما عليه الجمهور، وهو أن يقول مثل ما يقول من الأذان، إلا الحَيْعَلَتين؛ لأن حديث أبي سعيد الذي بدأ به عام، وحديث معاوية الذي تلاه به خاص، والخاص مقدم على العام.