أي: بعد ذلك عند الإحلال، قيل: أشار بهذه الترجمة إلى الخلاف فيمن لبّد هل يتعين عليه الحلق أم لا؟
فنقل ابن بطال عن الجمهور تعيُّن ذلك، حتى عند الشافعي، وقال أهل الرأي: لا يتعين، بل إن شاء قصر، وهذا قول الشافعي في الجديد، والأول القائل به الجمهور، هو قول مالك والثوري وأحمد، واحد قولي الشافعي وإسحاق، وأبي ثور، وكذا لو ضفر رأسه أو عقصه، كان حكمه حكم التلبيد، ويأتي في اللباس عن عمر:"من لبّد رأسه فليحلق" وفي كامل ابن عدي عن ابن عمر مرفوعًا: "من لبّد رأسه للإحرام، فقد وجب عليه الحلق" وهو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبه أمر عُمر وابنه النَّاس، وقال أبو حنيفة: من لبَّد رأسه أو ضفره، فإن قصر ولم يحلق أجزأه، وروي عن ابن عباس أنه كان يقول: من لبّد أو عقص أو ضفر، فإن نوى الحلق فليحلق وإن لم ينوه، فإن شاء حلق، وإن شاء قصر.
أورد حديث حفصة هذا وفيه:"إني لبّدت رأسي" وليس فيه تعرض إلا أنه معلوم من حاله عليه الصلاة والسلام أنه حلق رأسه في حجه، وقد ورد ذلك صريحًا في حديث ابن عمر كما في أول الباب الذي بعده، وأردفه ابن بطال بحديث حفصة، فجعله من هذا الباب لمناسبته للترجمة، وقد مرَّ غير مرة أنه لا يلزمه أن يأتي بجميع ما اشتمل عليه الحديث في الترجمة، بل إذا وجدت واحدة كفت.
وقد تقدم الكلام على حديث حفصة في باب التمتع والقِران.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا: مرَّ عبد الله بن يوسف، ومالك في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ نافع في الأخير