قوله:"قام النساء حين يقضي"، ولابن عساكر "حتى يقضي" أي: يتم تسليمه ويفرغ منه. وقوله:"فأُرى" بضم الهمزة أي: أظن. وقوله:"لكي ينفُذ النساء" بفتح المثناة التحتية وضم الفاء آخره ذال معجمة أي: يخرجن. وقوله:"قبل أن يدركهن" أي: بنون النسوة، ولأبي ذرٍ في نسخة "قبل أن يدركهم".
وقوله:"مَنْ انصرفَ من القوم" أي: المصلين، وموضع الترجمة قوله كان إذا سلم، ويمكن أن تستنبط الفرضية من التعبير بلفظ كان المشعر بتحقق مواظبته عليه الصلاة والسلام على ذلك وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي". وبفرضية التسليم قال مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم: إذا انصرف المصلي من صلاته بغير لفظ التسليم فصلاته باطلة. حتى قال النووي: ولو اختل حرف من حروف السلام عليكم لم تصح صلاته. واحتجوا بما أخرجه أبو داود والترمِذِيّ، وقال هذا أصَحُ شيء في هذا وأحسن وابن ماجه والحاكم في "مستدركه"، وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه عن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- قال:"قال رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مفتاحُ الصلاةِ الطهورُ وتحريمُها التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ".
وذهب عطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب وقتادة وأبو حنيفة وصاحباه وابن جرير الطبري إلى أن التسليم ليس بفرض حتى لو تركه لا تبطل صلاته؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:"إذا قعدَ الإمامُ في آخر صلاتِهِ ثم أحدثَ قبلَ أن يسلمَ، فقد تمتْ صلاتُهُ". قال ابن حجر هذا الحديث ضعفه الحفاظَ، واستدلوا أيضًا بما رواه الجماعة بطرق متعددة وألفاظ مختلفة عن ابن مسعود:"أنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- صلَّى الظهرَ خمسًا، فلما سلَّمَ أخبر بصنيعه فثنى رجلَهُ فسجَد سجدتين". ففي هذا الحديث أنه أدخل في الصلاة ركعة من غيرها قبل السلام، ولم يرد ذلك مفسدًا للصلاة، فدل ذلك أن السلام ليس من أصلها ولو كان واجبًا كوجوب السجدة في الصلاة لكان حكمه أيضًا كذلك،