حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي.
في الرواية هنا كان يقول في ركوعه وفي الرواية الآتية في باب التسبيح والدعاء في السجود كان يكثر أن يقول في ركوعه إلخ. وبقول عائشة في هذه الرواية كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده واعترض الفاكهاني على الاحتمال السابق عن ابن دقيق العيد من أن المأمور به في السجود تكثير الدعاء والذي في الركوع قليل قائلًا إن قولها صريح في أن ذلك وقع منه كثيرًا فلا يعارض ما أمر به في السجود وهو عجيب فإن ابن دقيق العيد أراد بنفي الكثرة عدم الزيادة على قوله: اللهم اغفر لي في الركوع الواحد فإنه قليل بالنسبة إلى السجود المأمور فيه بالاجتهاد في الدعاء المشعر بتكثير الدعاء ولم يرد أنه كان يقول ذلك في بعض الصلوات دون بعض حتى يعترض عليه بقول عائشة كان يكثر وقد جاء الأمر بالإكثار من الدعاء في السجود فيما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة بلفظ أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء والأمر بإكثار الدعاء في السجود يشمل الحث على تكثير الطلب لكل حاجة كما جاء في حديث أنس أخرجه الترمذي ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله ويشمل التكرار للسؤال الواحد والاستجابة تشمل استجابة الداعي بإعطاء سؤله واستجابة المثنى بتعظيم ثوابه.
وقوله:"سبحانك" منصوب على المصدر بفعل محذوف تقديره اسبح وهو علم على التسبيح ومعناه التنزيه عن النقائص والعلم لا يضاف إلا إذا نُكِّر ثم أضيف.
وقوله:"وبحمدك" أي وسبحتك بحمدك أي: بتوفيقك وهدايتك لا بحولي وقوتي والواو فيه إما للحال وإما لعطف الجملة على الجملة سواء قلنا إضافة الحمد إلى الفاعل والمراد من الحمد حينئذ لازمه وهو ما يوجب الحمد من التوفيق والهداية أو إلى المفعول ويكون معناه متلبسًا بحمدي لك.
وقوله:"اللهم اغفر لي" أي: بالله اغفر لي وإنما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك وإن كان قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لبيان الافتقار إلى الله تعالى والإذعان وإظهار العبودية والشكر وطلب الدوام