وقالت طائفة: يقطع المحرم التلبية إذا دخل الحرم، وهو مذهب ابن عمر، لكن كان يعاود التلبية إذا خرج من مكة إلى عرفة، وقالت طائفة: يقطعها إذا راح إلى الموقف، رواه ابن المنذر وسعيد بن منصور بأسانيد صحيحة عن عائشة، وسعد بن أبي وقاص، ومذهب مالك أن المحرم يقطع التلبية عند دخول مكة أو عند ابتداء الطواف، على خلافٍ مشهور، ويعاودها بعد السعي، حتى تزول الشمس من يوم عرفة، ويروح إلى مصلاها، فإن وصل قبل الزوال لبَّى إليه، وهكذا قال الأوزاعي والليث أنه يقطعها بزوال الشمس، وروي عن الحسن مثل قول عائشة، قال: إذا صلى الغداة يوم عرفة، وروى الطحاوي بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: حججت مع عبد الله، فلما أفاض إلى جمع، جعل يلبي، فقال رجل أعرابي: هذا؟ فقال عبد الله: أنسي الناس أم صلوا؟ وأشار الطحاوي إلى أن كل من روى عنه ترك التلبية من يوم عرفة أنه تركها للاشتغال بغيرها من الذكر لا على أنها لا تشرع، وجمع في ذلك بين ما اختلف من الآثار.
واختلف القائلون باستمرارها إلى رمي الجمرة: هل يقطعها مع رمي أول حصاة، أو عند تمام الرمي؟ فذهب إلى الأول الجمهور، وإلى الثاني أحمد وبعض أصحاب الشافعي، ويدل لهم ما رواه ابن خزيمة، عن ابن عباس، عن الفضل، قال: أفضت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- من عرفات، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، يكبّر مع كل حصاة، ثم قطع التلبية مع آخر حصاة، قال ابن خزيمة: هذا حديث صحيح مفسِّر لما أبهم في الروايات الأخرى، وأن المراد بقوله: حضى رمى جمرة العقبة، أي: أتمّ رميها. أ. هـ.
[رجاله سبعة]
وفيه ذكر أسامة والفضل، وقد مرّ الجميع، مرّ عبد الله بن محمد المسندي في الثاني من الإِيمان، ومرّ وهب بن جرير في الخامس والأربعين من الوضوء، ومرّ أبوه جرير في السبعين من استقبال القبلة، ومرّ يونس بن يزيد في متابعة بعد الرابع من بدء الوحي، وابن شهاب في الثالث منه، ومرّ عبيد الله المسعودي في السادس منه، ومرّ ابن عباس في الخامس منه، ومرّ أسامة في الخامس من الوضوء، ومرّ الفضل في الثامن عشر من الجماعة. أ. هـ. وأخرجه مسلم. أ. هـ.