[باب من رجع القهقرى في الصلاة أو تقدم بأمر نزل به]
رواه سهل بن سعد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، يشير بذلك إلى حديثه السابق قريبًا، ففيه:"فرفع أبو بكر يديه فحمد الله ثم رجع القهقري" وأما قوله: "أو تقدم" فهو مأخوذ من الحديث أيضًا، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقف في الصف الأول خلف أبي بكر على إرادة الائتمام به، فامتنع أبو بكر، فتقدم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ورجع أبو بكر من موقف الإِمام إلى موقف المأموم، ويحتمل أن يكون المراد بحديث سهل ما تقدم في الجمعة، في باب الخطبة على المنبر من صلاته -صلى الله عليه وسلم- على المنبر، ونزوله القهقرى، حتى سجد في أصل المنبر، ثم تقدم حتى عاد إلى مقامه.
قلت: وهذا الأخير أولى، لقوله عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، والأول عن أبي بكر الصديق، وإن كان داخلًا في تقريره عليه الصلاة والسلام. واستدل به على جواز العمل في الصلاة إذا كان يسيرًا ولم يحصل فيه التوالي، وقد مرَّ استيفاء الكلام عليه عند أهل المذاهب في باب "إذا حمل جارية صغيرة" في أبواب سترة المصلي.
[الحديث التاسع]
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ يُونُسُ قَالَ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي الْفَجْرِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يُصَلِّي بِهِمْ فَفَجَأَهُمُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ، وَهُمْ صُفُوفٌ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى عَقِبَيْهِ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلاَةِ، وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلاَتِهِمْ فَرَحًا بِالنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ رَأَوْهُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ أَتِمُّوا، ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ، وَتُوُفِّيَ ذَلِكَ الْيَوْمَ.
وقوله: قال يونس: قال الزهريّ، أي قال: قال يونس، وهي تحذف خطا في الاصطلاح لا نطقًا، وقوله "ففَجِأهم" قال ابن التين: كذا وقع في الأصل بالألف، وحقه أن يكتب بالياء؛ لأن عينه مكسورة، كوَطئِهم، وقد مرت فوائد هذا المتن في باب "أهل العلم والفضل أحق بالإمامة" من أبواب الإمامة.