"فإذا الدم له هدير"، وعند أحمد عن عائشة "فانفجر كلْمُه وكان قد برىء إلا مثل الخُرْص" بضم الخاء وسكون الراء، وهو من حُلِيَّ الأُذن. ولمسلم عن هشام بن عُروة "فما زال الدم يسيل حتى مات" استدل مالك وأحمد بهذا الحديث على أن النجاسات ليست إزالتها فرضًا، ولو كانت فرضًا لما أجاز صلى الله تعالى عليه وسلم للجريح أن يسكن في المسجد، وبه قال الشافعيّ في القديم.
ولقائل أن يقول إن سكنى سعد في المسجد كان بعد اندمال جرحه، والجرح إذا اندمل زال ما يُخشى من نجاسته، وفيه جواز سكنى المسجد للعذر. وفيه أن السلطان أو العالم إذا يشق عليه النهوض إلى عيادة مريض يزوره ممن يهمه أمره، ينقل المريض إلى موضع تخف عليه فيه زيارته، ويقرب منه.
[رجاله خمسة]
وفيه ذكر سعد.
الأول: زكرياء بن يحيى، وقد مرَّ في الثالث عشر من كتاب الوضوء، ومر عبد الله بن نمير في الثالث من كتاب التيمم، ومرَّ هشام وأبوه عروة وعائشة في الثاني من بدء الوحي.
وأما سعد، فالمراد به سعد بن معاذ بن النعمان بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جُشَم بن الحارث بن الخزرج بن النَّبيت. وهو عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاريّ الأشهليّ يكنى أبا عمر، أمه كبشة بنت رافع، لها صحبة، أسلم بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية على يدي مصعب بن عمير. وأما أسلم قال لبني عبد الأشهل: كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرامٌ إنْ لم تسلموا، فأسلموا، فكان من أعظم الناس بركة في الإِسلام. شهد بدرًا وأحدًا والخندق، ورُمِي يوم الخندق بسهم فعاش شهرًا ثم انتقض جُرحه، والذي رماه بسهم حبّان بن العَرقة، وقال: خذها وانا ابن العرقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عرق الله وجهَه في النار" والعرقة هي ثُلابة بنت سعيد بن سهم بن عمرو بن هُصَيص، وحبّان ابنها هو ابن عبد مناف بن منقذ بن عمرو بن