يراد من المسؤول التوجه إلى الله تعالى به فيه، وسؤاله هو له من الله تعالى، لا أن المخلوق مسؤول منه أن يعطي ما لا قدرة له عليه، ويكفي في جواز السؤال بهذه الصورة صدورها من الصحابة، وإقرار النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم لهم على ذلك، خلافًا للطائفة الزائفة من الخوارج، القائلة إن هذا السؤال كفر أعاذنا الله تعالى مما ابتلاهم به.
وفي الحديث الحث على حفظ العلم، وفيه أن التقلُّل من الدنيا أمكن لحفظه، وفيه فضيلة التكسب لمن له عيال، وفيه جواز إخبار المرء بما فيه من فضيلة إذا اضطر إلى ذلك وأمن من الإِعجاب.
رجاله خمسة: الأول أحمد بن أبي بكر، واسم أبي بكر القاسم، وقيل زُرارة بن الحارث بن زُرَارة بن مُصْعَب بن عبد الرحمن بن عوف، أبو مُصْعب الزُّهْريّ العوْفي، قاضي المدينة، وعالمها، وهو أحد من حمل الموطأ عن مالَك، وروى عن الدَّراوَرْدِيّ وابن أبي حازم والمغيرة بن عبد الرحمن، وروى عنه الجماعة لكن النَّسائي روى عنه بواسطة خَيّاط السُّنَّة، وبَقيّ بن مَخْلَد وأبو زُرعة وغيرهم. قال الزبير بن بكّار: مات وهو فقيه المدينة غير مدافع، وقال صاحب الميزان: لا أدري ما معنى قول أبي خَيْثَمَة لابنه: لا تكتب عن أبي مصعب، واكتب عمن شئت، فيحتمل أن يكون مراده دخوله في القضاء أو إكثاره من الفتوى بالرأي.
وقال الحاكم: كان فقيهًا متقشفًا عالمًا بمذاهب أهل المدينة، وذكره ابن حبّان في الثقات، وقال ابن حزم: في موطئه زيادة على مئة حديث، وقدمه الدارقطنيّ في الموطأ على يحيى بن بُكَير. مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين، عن اثنتين وتسعين سنة، ولم يرو له مسلم إلا حديث أبي هريرة "السفر قطعة من العذاب". والزهرِيّ في نسبه نسبة إلى زُهْرَة بن كِلاب أبي بطن من قريش، منه أمنا آمنة الزهرية.
الثاني: محمد بن إبراهيم بن دينار المَدنِيّ، أبو عبد الله الجُهني، ويقال الأنصاريّ. يقال: لقبه صَنْدَل. روى عن ابن أبي ذئب، وسلمة بن