حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ هُرْمُزَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ {الم (١) تَنْزِيلُ} السَّجْدَةَ و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}.
قوله:"حدّثنا أبو نعيم" وفي نسخة من رواية كريمة حدّثنا محمد بن يوسف أي: الفريابي وذكرا في بعض النسخ جميعًا.
وقوله:{الم تَنْزِيلُ} أي: بضم اللام على الحكاية زاد في رواية كريمة "السجدة" وهو بالنصب.
وقوله:{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} زاد الأصيلي: {حِينٌ مِنَ الدَّهْر} والمراد أن يقرأ في كل ركعة بسورة كما بينه مسلم ولفظه: "الم تنزيل في الركعة الأولى وفي الثانية هل أتى على الإنسان" وفيه دليل على استحباب قراءة هاتين السورتين في هذه الصلاة من هذا اليوم لما تشعر الصيغة به من مواظبته -صلى الله عليه وسلم- على ذلك أو إكثاره منه، بل قد ورد عن ابن مسعود فيما أخرجه الطبراني التصريح بمداومته -صلى الله عليه وسلم- على ذلك. ولفظه:"يديم ذلك" لكن صوب أبو حاتم إرساله والصحيح أن كان لا تقتضي المداومة بدليل ما رواه مسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} الحديث. وروى أيضًا عن الضحاك بن قيس أنه سأل النعمان بن بشير ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ به في يوم الجمعة؟ قال: سورة الجمعة، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}.
وروى الطحاوي عن أبي هريرة عن النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقرأ في الجمعة بسورة الجمعة {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} فهذه الأحاديث فيها لفظة كان ولم تدل على المداومة، بل كان عليه الصلاة والسلام قرأ بهذا مرة وبهذا مرة، فحكى عنه كل فريق ما حضره. ففيه دليل على أن لا توقيت للقراءة في ذلك، وأن للإِمام أن يقرأ في ذلك مع فاتحة الكتاب أي القرآن شاء؛ ولأجل أنها لا تقتضي المداومة.
قال ابن دقيق العيد: ليس في الحديث ما يقتضي فعل ذلك دائمًا اقتضاء قويًا. قيل: إن الحكمة في قراءة هاتين السورتين الإشارة إلى ما فيهما من ذكر خلق آدم وأحوال يوم القيامة؛ لأن ذلك كان وسيقع يوم الجمعة. وحكى الباجي أبو الوليد الطعن في سعد بن إبراهيم لروايته لهذا