قوله:"من صلى البَرْدين"، أي: بفتح الموحدة، وسكون الراء، تثنية بَرْد، والمراد صلاة الفجر والعصر، ويدل لذلك قوله في حديث جرير صلاة:"قبل طلوع الشمس وقبل غروبها"، وفي رواية مسلم:"يعني العصر والفجر". قال الخطابيّ: إنما سميت بردين لأنهما تصليان في بَرْدَي النهار، وهما طرفاه حين يطيب الهواء، وتَعْدَمُ سَوْرَةُ الحَرِّ. ونُقل عن أبي عُبيد أن صلاة المغرب تدخل في ذلك، وهو مردود بصريح التثنية، وقال البزار: إن "مَنْ" موصولة لا شرطية، والمراد الذين صلوهما أول ما فرضت الصلاة، ثم ماتوا قبل فرض الصلوات الخمس، لأنها فرضت أولًا ركعتين بالغداة، وركعتين بالعشي، ثم فرضت الصلوات الخمس، فهو خبر عن أناس مخصوصين لا عموم فيه، ولا يخفى ما في قوله من التكلف والبعد، والأوْجه أن "مَنْ" في الحديث شرطية.
وقوله:"دخل" جواب الشرط، وعدل عن الأصل، وهو الفعل المضارع، كأنْ يقول: يدخل الجنة، إرادةً للتأكيد في وقوعه، بجعل ما سيقع كالواقع، كما في قوله تعالى:{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}. وأما وجه التخصيص بهما فهو لزيادة شرفهما، وترغيبًا في حفظهما لشهود الملائكة لهما كما مرَّ، وقد روى الطبرانيّ وأبو القاسم الجوزيّ عن ابن مسعود موقوفًا، ينادي منادٍ عند صلاة الصبح، يا بني آدم، قوموا فأطفئوا ما أوقدتم على أنفسكم، وينادي عند العصر كذلك، فيتطهَّرون ويصلون وينامون، ولا ذنب عليهم".