قال ابن حَجَر ينبغي أن لا يكون هذا الرابع قولًا برأسه، بل يجعل شرطًا لمن أجاز، فإن منع غير العالم من ذا الفعل لا يُخالف فيه أحد.
وهذا القول الرابع هو الذي عليه الجمهور، ويوصف بالصحيح دون غيره من بقية الأقوال بشرط أن يكون ما اختصره من المتن غير متعلق بالذي ذكره تعلقًا يُخلُّ حذفه بالمعنى، لأن ذلك بمنزلة خبرين منفصلين، أما إذا تعلق به المذكور كالاستثناء والغاية والحال كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُباع الذّهب بالذهب إلا سواء بسواء" فلا يجوز حذفه بلا خلاف، وهذا الخلاف محله إذا وقع الاقتصار على بعض الحديث في الرواية، أما إذا قُطِع الحديث المشتمل على أحكام في الأبواب بحسب الاحتجاج به على مسألة فهو بعيد من المنع، وقد فعله من الأئمة مالك وأحمد والبخاري والنّسائي وغيرهم. وحُكي الخلاف عن أحمد أنه ينبغي أن لا يفعل. قال ابن الصلاح: ولا يخلو من كراهية. ومحل الخلاف أيضًا إذا كان الفاعل غير متهم، وأما إذا كان متهمًا فلا يجوز له أن يفعله سواء رواه ابتداءً ناقصًا أم تامًّا، لأنه إن رواه تامًّا بعد أن رواه ناقصًا اتُّهم بزيادة ما لم يسمعه، أو بالعكس اتُّهم بنسيانه لقلة حفظه، فيجب عليه أن يرويه تامًّا لِيَنفي هذه المَظنّة عن نفسه، فإن خالف ورواه ناقصًا جاز له عدم تكميله بعد ذلك، وكَتْم تلك الزيادة خوفَ اتِّهام الزيادة اهـ ثم قال المصنف:
وقوله:"ولا يُكفَّر" بتشديد الفاء المفتوحة، وفي رواية أبي الوقت، بفتح أوله وإسكان الكاف.
وقوله:"إلا بالشّرك" أي: أن كل معصية تُؤخذ من ترك واجبٍ أو فعل محرم فهي من أخلاق الجاهلية، والشرك أكبر المعاصي، ولا يُنسب أحد إِلى الكفر بارتكاب معصية إلا بارتكاب الشرك.
بابٌ المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنك امرؤ فيك جاهلية" وقول الله تعالى: