في رواية الكشميهني: أتم ما بقي، أي: لا يستأنف، بل يبني عليه اتيانًا بالوجه الأتم من القيام ونحوه. وفي هذه الترجمة إشارة إلى الرد على مَنْ قال: مَنْ افتتح الفريضة قاعدًا لعجزه عن القيام ثم أطاق القيام وجب عليه الاستيناف، وهو محكي عن محمد بن الحسن، وخفي ذلك على ابن المنير حتى قال: أراد البخاري بهذه الترجمة رفع خيال مَنْ تخيل أن الصلاة لا تتبعض، فيجب الاستيناف على مَنْ صلّى قاعدًا، ثم استطاع القيام. ثم قال: وقال الحسن: إنْ شاءَ المريض صلّى ركعتين قائمًا، وركعتين قاعدًا. قوله: إن شاء المريض، أي: في الفريضة، صلّى ركعتين قائمًا وتعقبه ابن التين بأنه لا وجه للمشيئة هنا؛ لأن القيام لا يسقط عمن قدر عليه إلاَّ إن كان يريد بقوله: إن شاء أي: بكلفة كثيرة. ويظهر أن مراده أنّ مَنْ افتتح الصلاة قاعدًا ثم استطاع القيام كان له إتمامها قائمًا إن شاء بأن يبني على ما صلّى، وإن شاء استأنفها، فاقتضى ذلك جواز البناء وهو قول الجمهور. وهذا الأثر وصله ابن أبي شيبة بمعناه، ووصله الترمذي أيضًا بلفظ آخر، والحسن البصري قد مرّ في الرابع والعشرين من الإيمان.
أورد المصنف حديث عائشة من رواية مالك بإسنادين له، فذكر في الأول منهما تقييد ذلك بأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يصل صلاة اللَّيل قاعدًا، إلاَّ بعد أن أسن، وسيأتي في باب قيام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل في رمضان وغيره من أبواب التهجد بلفظ "حتى إذا كبر". وفي رواية أبي سلمة عن عائشة: لم يمت حتى كان أكثر صلاته جالسًا. وفي حديث حفصة: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي في سبحته جالسًا حتى إذا كان قبل موته بعام، وكان يصلي في سبحته جالسًا، الحديث. أخرجهما مسلم قال ابن التين: قيدت عائشة ذلك بصلاة الليل لتخرج الفريضة، وبقولها:"حتى أسن" لتعلم أنه إنما فعل ذلك إبقاءً على نفسه ليستديم الصلاة وأفادت أنه كان يديم القيام وأنه كان لا يجلس عمّا يطيقه