قوله:"أُتي بقدح رَحْراح" بمهملات الأولى مفتوحة بعدها سكون، أي: متسع الفم. وقال الخَطّابي: الرَّحْراح: الِإناء الواسع الصحن، القريب القعر، ومثله لا يسع الماء كثيرًا، فهو أدل على عِظَم المعجزة، وهذه الصفة شبيهة بالطَّسْت، وبهذا تظهر مناسبة هذا الحديث للترجمة.
وروى ابن خُزيمة هذا الحديث عن أحمد بن عَبْدة، فقال:"زُجاج" بضم الزاي وجيمين بدل رحراح، وهذه اللفظة تفرَّدَ بها أحمد بن عَبْدة عن جميع أصحاب حمّاد بن زيد، وصرح جمع من الحُذّاق بأن أحمد بن عَبْدة صحَّفها. وعلى أنها صحيحة لا منافاة بينها وبين رواية الجماعة، لاحتمال أن يكونوا وَصَفوا هيأته وذكر هو جنسه. وفي "مسند" أحمد عن ابن عبّاس "أن المقَوْقِس أهدى للنبي -صلى الله عليه وسلم- قدحًا من زجاج"، لكن في إسناده مقال. ورواية أحمد بن عَبْدة ترد على من زعم من المتصوِّفة أن ذلك إسراف لإسراع الكسر إليه.
وقوله:"فحزرتُ" بتقديم الزاي، أي: قدرت.
وقوله:"ما بين السبعين إلى الثمانين" هنا قال ما ذكر، ومر في رواية حُميد أنهم "كانوا ثمانين وزيادة"، والجمع بينهما أن أنسًا لم يكن يضبط العدة، بل كان يتحقق أنها تُنيف على السبعين، ويشُكُّ هل بلغت العَقْد الثامن أو تجاوزته، فربما جزم بالمجاوزة حيث يغلب ذلك على ظنه.