للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه لو دام علمكم كما دام علمي، لأن علمه متواصل بخلاف غيره، وقيل: لو علمتم من سعة رحمة الله وحلمه ما أعلم لبكيتم على ما فاتكم من ذلك.

وقوله: "لضحكتم قليلًا" قيل: معنى القلة هنا العدم والتقدير لتركتم الضحك، ولم يقع منكم إلا نادرًا لغلبة الخوف، واستيلاء الحزن. وحكى ابن بطال عن المهلب أن سبب ذلك: ما كان عليه الأنصار من محبة اللهو والغناء. وأطال في تقرير ذلك بما لا طائل فيه ولا دليل عليه، ومن أين له أن المخاطب بذلك الأنصار دون غيرهم. والقصة كانت في أواخر زمنه عليه الصلاة والسلام حين امتلأت المدينة بأهل مكة ووفود العرب. وقد بالغ الزين بن المنير في الرد عليه والتشنيع.

قلت: كون الخطاب لعموم الناس لا يمنع من أن يكون السبب صدر من الأنصار أو غيرهم؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان من عادته أنه لا يواجه أحدًا بالإنكار والزجر وإنما يعمم أو يبهم فيقول: "ما بال أقوام". ونحو ذلك. وفي الحديث ترجيح التخويف في الخطبة على التوسع بالترخيص لما في ذكر الرخص من ملاءمة النفوس لما جبلت عليه من الشهوة. والطبيب الحاذق يقابل العلة بما يضادها لا بما يزيدها. والزجر عن كثرة الضحك والحث على كثرة البكاء والتحقيق بما سيصير إليه المرء من الموت والفناء والاعتبار بآيات الله تعالى.

[رجاله خمسة]

قد مرّوا، مرّ عبد الله بن مسلمة في الثاني عشر من الإيمان، ومرّ باقي السند بهذا النسق في الثاني من بدء الوحي. ثم قال المصنف:

<<  <  ج: ص:  >  >>