قال ابن رشيد: مقصوده أنه لا يشترط في التطوع على الدابة أن تكون ظاهرة الفضلات، بل الباب في المركوبات واحد بشرط أن لا يماس النجاسة. وقال ابن دقيق العيد: يؤخذ من هذا الحديث طهارة عرق الحمار؛ لأن ملامسته مع التحرز منه متعذر، لاسيما إذا طال الزمان في ركويه واحتمل العرق.
قوله:"استقبلْنا" بسكون اللام. وقوله:"حين قدم من الشام" كان أنس قد توجه إلى الشام يشكو من الحجّاج عن عبد الملك، وفي رواية مسلم: حين قدم الشام، وغلطوه، لأن أنس بن سيرين إنما تلقاه لما رجع من الشام، فخرج ابن سيرين من البصرة ليتلقاه، ويمكن توجيهه بأن يكون المراد بقوله: حين قدم الشام، مجرد ذكر الوقت الذي وقع له فيه، ذلك كما تقول: فعلت كذا لمّا حججت. قال النووي: رواية مسلم صحيحة. ومعناه: تلقيناه في رجوعه حين قدم الشام.
وقوله:"فلقيناه بعين التمر" وهو موضع بطريق العراق مما يلي الشام، وكانت فيه وقعة شهيرة في آخر خلافة أبي بكر، بين خالد بن الوليد والأعاجم، ووجد بها غلمانًا من العرب، كانوا رهنًا تحت يد كسرى منهم: جد الكلبي المفسر، وحمران مولى عثمان، وسيرين مولى أنس.
وقوله:"ووجهه من ذا الجانب يعني عن يسار القبلة" لم يبِّين في هذه الرواية كيفية صلاة أنس، وذكره في "الموطأ" عن يحيى بن سعيد، قال: رأيت أنسًا وهو يصلّي على حمار، وهو متوجه إلى غير القبلة يركع ويسجد إيماءً من غير أن يضع جبهته على شيء.
وقوله:"رأيتك تصلي لغير القبلة" فيه إشعار بأنه لم ينكر الصلاة على الحمار، ولا غير ذلك من هيئة أنس في ذلك. وإنما أنكر عدم استقبال القبلة فقط. وفي قول أنس: لولا أني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعله يعني: ترك استقبال القبلة للمتنفل على الدابة، جواب عن ذلك. وهل يؤخذ منه أن