أخرجه البُخاري هنا، وفي الإِيمان أيضًا عن أبي هُريرة، وفي الصلاة من حديث أنس، ومسلم من حديث جابر ثم قال المؤلف.
[باب]
من قال أن الإِيمان هو العمل لقول الله تعالى. {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[الزخرف: ٧٢] وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} عن لا إله إلا الله وقال {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}.
باب مضاف حتمًا، مطابقة الآية والحديث لما ترجم له بالاستدلال بالمجموع على المجموع, لأن كل واحد منها دال بمفرده على بعض الدعوى، فقوله:{بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} عام في الأعمال، وقد نقل جماعة من المفسرين أنَ قوله تعالى:{تَعْمَلُونَ} معناه تؤمنون فيكون خاصًا. وقوله:{عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الحجر: ٩٣] خاص بعمل اللسان على ما نقل المؤلف، وقوله:{فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}[الصافات: ٦١] عام أيضًا. وقوله في الحديث:"إيمان بالله" في جواب: أي العمل أفضل؟ دال على أن الاعتقاد والنُّطق من جملة الأعمال، فإن قيل: الحديث يدل على أن الجهاد والحج ليسا من الإِيمان لما تقتضيه ثَمَّ من المغايرة والترتيب، فالجواب: أن المراد بالإِيمان هنا التصديق، هذه حقيقته، والإِيمان يُطْلق على الأعمال البدنية لأنها من مكملاته.
وقوله:{تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا} أي: صُيِّرت لكم إرثًا، فأطلق الإِرْث مجازًا على الإِعطاء لتحقق الاستحقاق، أو الموروث الكافر، وكان له نصيب منها, ولكن كفره منعه، فانتقل منه إلى المؤمن. وقال البيضَاوي: شبه جزاء العمل بالميراث، لأنه يَخْلُفُه عليه العامل، والإِشارة إلى الجنة المذكورة في قوله تعالى:{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ}[الزخرف: ٧٠] وتلك مبتدأ خبره الجنة.
وقوله:{الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا} صفة الجنة، أو الجنة صفة للمبتدأ الذي