في الثالث من الإيمان، ومرَّ أنس في السادس منه، ومرَّ عطاء بن أبي ميمونة في السادس عشر من الوضوء. ثم قال المصنف:
[باب السترة بمكة وغيرها]
قال ابن المنير: إنما خص مكة بالذكر رفعًا لما يُتوهم من أن السترة قبلة، ولا ينبغي أن يكون لمكة قبلة إلا الكعبة، فلا يحتاج فيها إلى سترة. قال في الفتح: والذي أظنه أنه أراد أن ينكت على ما ترجم به عبد الرزاق، حيث قال في باب "لا يقطع الصلاة شيء"، ثم أخرج عن ابن جُريج عن كثير بن كثير بن المطّلب عن أبيه عن جده قال:"رأيت النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يصلّي في المسجد الحرام، ليس بينه وبينهم -أي الناس- سُترة" وأخرجه من هذا الوجه أيضًا أصحاب السنن. ورجاله موثوقون، إلا أنه معلول، فقد رواه أبو داود عن أبي عُيينة قال: كان ابن جريج أخبرنا به هكذا، فلقيت كثيرًا فقال: ليس من أبي سمعتُه، ولكن من بعض أهلي عن جَدِّي، فأراد البخاريّ التنبيه على ضعف هذا الحديث، وأن لا فرق بين مكة وغيرها في مشروعية السترة، وهذا هو المعروف عند الشافعية، وأنَّ لا فرق في منع المرور بين يدي المصلّي بين مكة وغيرها. وعن بعض الحنابلة جواز ذلك في جميع مكة، واغتفر بعض الفقهاء جواز ذلك للطائفين دون غيرهم، للضرورة. وحاصل مذهب مالك في المرور بين يدي المصلّي في المسجد الحرام أنه إنْ صلّى لغير سُترة جاز المرور بين يديه مطلقًا، وإن كان لسترة جاز المرور بين يديه للمصلي والمضطر، وكُرِه للطائف، وحرم على غير هؤلاء، ونظم ذلك شيخنا عبد القادر بن محمد بن محمد سالم بقوله:
ومن بغير سترة قد صلّى ... في مسجد البيت الحرام حلاَّ