وموضع الترجمة منه قوله: باضطراب لحيته. فيه الحكم بالدليل، لكونهم حكموا باضطراب لحيته على قراءته، لكن لابد من قرينة تعين القراءة دون الذكر والدعاء، مثلًا لأن اضطراب اللحية يحصل بكل منهما، وكأنهم نظروه بالصلاة الجهرية؛ لأن ذلك المحل منها هو محل القراءة لا الذكر والدعاء. وإذا انضمّ إلى ذلك قول أبي قتادة: كان يسمعنا الآية أحيانًا قوي الاستدلال. وقال بعضهم: احتمال الذكر ممكن، لكن جزم الصحابي بالقراءة مقبول لأنه أعرف بأحد المحتملين، فيقبل تفسيره. واستدل به المصنّف على رفع بصر الإمام إلى المأموم هنا، وعلى مخافتة القراءة في الظهر والعصر كما سيأتي.
واستدل به البيهقي على أن الإسرار بالقراءة لابد فيه من إسماع المرء نفسه، وذلك لا يكون إلا بتحريك، للسان والشفتين، بخلاف ما لو أطبق شفتيه، وحرّك لسانه بالقراءة فإنه لا تضطرب بذلك لحيته، فلا يسمع نفسه. وفي هذا نظر لا يخفى.
[رجاله ستة]
مرّت الثلاثة الأول منهم، مرّ موسى بن إسماعيل في الخامس من بدء الوحي، ومرّ عبد الواحد بن زياد في التاسع والعشرين من الإيمان، ومرّ الأعمش في الخامس والعشرين منه.
الرابع: عُمارة بن عمير التيمي من بني تيم الله بن ثعلبة كوفي. قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه فقال: ثقة وزيادة، أيسال عن مثل هذا. وقال ابن مَعين وأبو حاتم والنَّسائي: ثقة. وقال العجلي كوفي: ثقة. وكان خيارًا نظر إلى رجل فقال: ألست الذي كنت تجالسنا؟ قال: بلى. قال: فأخرج صرّة فيها خمسون دينارًا فدفعها إليه، وذكره ابن حبّان في الثقات. رأى عبد الله بن عمر. وروى عن الأسود وعبد الرحمن بن يزيد وأبي معمر عبد الله بن سَخْبَرة وغيرهم. وروى عنه إبراهيم النخعي والحكم بن عتيبة، والأعمش، ومنصور بن المعتمر وغيرهم مات في خلافة الوليد بن عبد الملك سنة ثمان وتسعين، وقيل سنة اثنتين وثمانين.