رواية مسلم "ليس فيما دون خمس أوسق من تمر ولا حب صدقة". وفي رواية له:"ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق" ولفظ "دون" في المواضع الثلاثة بمعنى أقل، لا أنه نفي عن غير الخمس الصدقة بأن تكون لون بمعنى غير، كما زعم بعض من لا يعتد بقوله.
واستدل بهذا الحديث على وجوب الزكاة في الأمور الثلاثة، واستدل به على أن الزروع لا زكاة فيها، حتى تبلغ خمسة أوسق. وقال أبو حنيفة: في كل ما أخرجته الأرض كثيره وقليله العُشر، سواء سقي سبحًا أو سقته السماء، إلا القصب الفارسي والحطب والحشيش. واستدل أبو حنيفة بقوله:"فيما سقت السماء العُشر" وأجمع العلماء على اشتراط الحول في الماشية والنقد دون المعشرات، والجمهور على أن الذهب والفضة يُضم بعضها إلى بعض في إكمال النصاب، وبه قال مالك، إلا أنه يراعى الوزن، ويضم على الأجزاء لا على القيم، ويجعل كل دينار كعشرة دراهم على الصرف الأول.
وقال الأوزاعيّ وأبو حنيفة والثَّوريّ: يضُمّ على القيم في وقت الزكاة. وقال الشافعيّ وأحمد وأبو ثَور وداود: لا يضم مطلقًا. وقال الخطابيّ: لم يختلفوا في أن الغنم لا تضم إلى الإبل ولا إلى البقر، وأن التمر لا يضم إلى الزبيب. واختلفوا في البُرّ والشعير، فقال أكثر العلماء: لا يضم واحد منهما إلى الآخر، وهو قول الثَّوري والأوزاعي وأصحاب الرأي والشافعيّ وأحمد بن حنبل. وقال مالك: يضم القمح إلى الشعير، ولا يضم القَطَانيّ إلى القمح والشعير.
[رجاله سبعة]
مرّ منهم الأوزاعيّ في العشرين من العلم، ومرّ يحيى بن أبي كثير في الثالث والخمسين منه، ومرَّ عمرو بن يحيى وأبوه يحيى بن عِمارة في الخامس عشر من الإيمان، ومرَّ أبو سعيد الخُدري في الثاني عشر منه، والباقي اثنان: الأول إسحاق بن إبراهيم بن يزيد، أبو النضر الدمشقي الفراديسي، مولى عمر بن عبد العزيز. قال أبو زرعة: كان من الثقات البكائين. وقال أيضًا: كان أبو مسهر يوثقه، وقال الدارقطنيّ والنَّسائيّ وأبو حاتم: ثقة، وقال أبو داود: ما رأيت بدمشق مثله. كان كثير البكاء، كتبت عنه. وذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال: ربما خالف، وذكر له الأزديّ حديثًا خالفه فيه مَنْ هو أضعف منه، وأورد له ابن عديّ أحاديث العمل فيها على شيخه يزيد بن ربيعة، فإنه ضعيف.
روى عن يحيى بن حمزة الحَضرميّ وأبي ضَمرة وشُعيب بن إسحاق وغيرهم. وروى عنه البخاريّ، وربما نسبه إلى جده، وأبو داود وأبو زرعة الدمشقيّ وغيرهم. ولد سنة واحد وأربعين ومئة، ومات سنة سبع وعشرين ومئتين. والفراديسيّ فيٍ نسبه نسبة إلى موضع قرب دمشق، وإليه يضاف باب من أبوابها، وموضع أيضًا قرب حلب بين بَرِّية خُساف وحاضر طيء.
الثاني: شعيب بن إسحاق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن راشد الدمشقيّ الأمويّ، مولى رَملة