قوله: فإن فيهم، كذا للأكثر، وللكُشْمِيْهَنيّ "فإن منهم". وقوله: الضعيف والسقيم، المراد بالضعيف هنا ضعيف الخلقة، وبالسقيم من به مرض. وقوله: فَلْيُطَوِّل ما شاء، ولمسلم "فَلْيُصَلِّ كيف شاء" مخففًا أو مطولًا، واستدل به على جواز إطالة القراءة ولو خرج الوقت، قال في "الفتح": وهو المصحح عند بعض أصحابنا، وفيه نظر, لأنه يعارضه عموم قوله في حديث أبي قَتَادة "إنما التفريط أن يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى" أخرجه مسلم، وإذا تعارضت مصلحة المبالغة في الكمال بالتطويل، ومفسدة إيقاع الصلاة في غيرها، كانت مراعاة ترك المفسدة أولى، واستدل بعمومه أيضًا على جواز تطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين، ومقتضى الحديث أنه متى لم يكن فيهم متصف بصفة من المذكورات، لم يضر التطويل، وقد يشكل على هذا أن الإمام قد لا يعلم حال من يأتي فيأتم به بعد دخوله في الصلاة، كما وقع في حديث مُعَاذ، فعلى هذا يكره التطويل مطلقًا، إلا إذا فرض في مصلٍ بقوم محصورين راضين بالتطويل في مكان لا يدخله غيرهم.
وقال اليَعْمُريّ: الأحكام إنما تُناط بالغالب لا بالصورة النادرة، فينبغي للأئمة التخفيف مطلقًا، وهذا كما شرع القصر في صلاة المسافر وعلل بالمشقة، وهو مع ذلك يُشْرع ولو لم يشق عملًا بالغالب, لأنه لا يدري ما يطرأ عليه، وهنا كذلك. وقال ابن عبد البَرّ: العلة الموجبة للتخفيف عندي غير مأمونة, لأن الإمام، وإن علم قوة من خلفه، فإنه لا يدري ما يحدث بهم من حادث شغل وعارض من حاجة وآفة من حدث بَوْل أو غيره، وتعقب بعضهم هذا بأن الاحتمال الذي لم يقم عليه دليل لا يترتب عليه حكم، فإذا انحصر المأمومون ورضوا بالتطويل، لا يؤمر إمامهم بالتخفيف لعارض لا دليل عليه، وحديث أبي قتادة "أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال: إني لأقوم في الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبى فأتجوز كراهة أن أشق على أمه" يدل على إرادته عليه الصلاة والسلام التطويل، فيدل على الجواز، وإنما تركه لدليل قام على تضرر بعض المأمومين، وهو بكاء الصبي الذي يشغل خاطر أمه.