وأصحاب السنن، وروى الفاكهاني أيضًا عن عطاء، قال: أردف النبي -صلى الله عليه وسلم- أسامة، فلما جاء الشعب الذي يصلي فيه الخلفاء الآن المغرب نزل فأهراق الماء، ثم توضأ، وظاهر هذين الطريقين أن الخلفاء كانوا يصلون المغرب عند الشعب المذكور قبل دخول وقت العشاء وهو خلاف السنة في الجمع بين الصلاتين بمزدلفة.
وعند مسلم عن كريب: لما أتى الشعب الذي ينزله الأمراء، وله عن كريب أيضًا: الشعب الذي ينيخ الناس فيه للمغرب، والمراد بالخلفاء والأمراء في هذا الحديث بنو أمية، فلم يوافقهم ابن عمر على ذلك، وقد جاء عن عكرمة إنكار ذلك، وروى الفاكهاني عن ابن أبي نجيح: سمعت عكرمة يقول: اتخذه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مبالًا، واتخذتموه مصلى، وكأنه أنكر بذلك على من ترك الجمع بين الصلاتين لمخالفة السنة في ذلك، وكان جابر يقول: لا صلاة إلا بجمع، أخرجه ابن المنذر بإسناد صحيح، ونقل عن الكوفيين وعن ابن القاسم صاحب مالك وجوب الإعادة، وعن أحمد: إن صلى أجزأه، وهو قول أبي يوسف والجمهور، وقد مرَّ الكلام بأتم من هذا على هذه المسألة في باب الجمع بين الصلاتين بعرفة.
رجاله أربعة، قد مرّوا:
مرَّ موسى بن إسماعيل المنقري في الخامس من بدء الوحي، ومرَّ جويرية في الأربعين من الغسل، ومرَّ نافع في الأخير من العلم، ومرَّ ابن عمر في أول الإيمان قبل ذكر حديث منه.
[الحديث الخمسون والمائة]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما، أَنَّهُ قَالَ: رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ عَرَفَاتٍ، فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الشِّعْبَ الأَيْسَرَ الَّذِي دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ أَنَاخَ، فَبَالَ، ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الْوَضُوءَ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا. فَقُلْتُ: الصَّلاَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:"الصَّلاَةُ أَمَامَكَ". فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى ثُمَّ رَدِفَ الْفَضْلُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غَدَاةَ جَمْعٍ. قَالَ كُرَيْبٌ: فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ الْفَضْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى بَلَغَ الْجَمْرَةَ.
قوله:"ردِفت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" بكسر الدال، أي: ركبت وراءه، وفيه الركوب حال الدفع من عرفة، والارتداف على الدابة، ومحله إذا كانت مطيقة، وارتداف أهل الفضل، ويعد ذلك من إكرامهم للرديف.