والذي يظهر من مجموع الأدلة أن لكل منهما حقيقة شرعية، كما أن لكل منهما حقيقة لغوية، لكِنْ كل منهما مستلزم للآخر بمعنى التكميل له، فكما أن العامل لا يكون مسلمًا كاملًا إلا إذا اعتقد، فكذلك المعتقد لا يكون مؤمنًا كاملًا إلا إذا عمل، وحيث يطلق الإيمان في موضع الإِسلام أو العكس، أو يطلق أحدهما على إرادتهما معًا، فهو على سبيل المجاز، ويتبين المراد بالسياق، فإن وردا معًا في مقام السؤال حُمِلا على الحقيقة، وإن لم يردا معًا، أو لم يكن في مقام سؤال، أمكن العمل على الحقيقة أو المجاز بحسب ما يظهر من القرائن، وقد حكى ذلك الإِسماعيلي عن أهل السنة والجماعة، قالوا: إنهما تختلف دلالتهما بالاقتران، فإن أُفرد أحدهما دخل الآخر فيه، وعلى ذلك يحمل ما حكاه محمَّد بن نصر، وتبعه ابن عبد البر عن الأكثر أنهم سوَّوْا بينهما على ما في حديث عبد القيس، وما حكاه اللالَكائي وابن السَّمعاني عن أهل السنة أنهم فرقوا بينهما على ما في حديث جبريل.
قلت: والحق أنهما متحدان مقصدًا مختلفان مفهومًا، ولأجل ما في هذا الحديث من الفوائد الشرعية أشبعت الكلام فيه، وما ذكرته فيه قليل بالنسبة لما تضمنه.
[رجاله خمسة]
الأول مسدّد وقد مر في السادس من كتاب الإيمان هذا.
ومر إسماعيل بن علية في الثامن أيضا.
ومر أبو زُرعة هرِم في التاسع والعشرين منه.
ومر أبو هُريرة في الثاني منه أيضًا.
والثالث: من السند يحيى بن سعيد بن حيان أبو حيان التَّيْمي الكوفي العابد من تَيْم الرَّباب.
قال الخُرَيْبيّ: كان سفيان الثوري يعظمه ويوثقه. وقال محمَّد بن فُضَيْل: حدثنا أبو حيان التيمي، وكان صدوقا. وقال ابن معين: ثقة.