لم يقع التصريح عند المصنف برفع حديث أنس هذا، وقد أخرجه الطبراني في "الأوسط" عن فضيل بن عياض عن حميد فزاد فيه مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وكذا أخرجه ابن حِبّان في "صحيحه" وله شاهد في حديث سهل بن سعد يأتي في آخر الجمعة.
وقوله:"كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة" ظاهره أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار، وهذا يخالف الذي قبله ولكن طريق الجمع أولى من التعارض، وقد تقرر فيما مرّ أن التبكير يطلق على فعل الشيء في أول وقته أو تقديمه على غيره وهو المراد هنا، والمعنى أنهم كانوا يبدؤون بالصلاة قبل القيلولة بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإبراد؛ ولهذه النكتة أورد البخاري طريق حميد عن أنس عقب طريق عثمان بن عبد الرحمن عنه، وسيأتي في حديث الترجمة التي بعدها التعبير بالتبكير، والمراد به الصلاة في أول الوقت وهو يؤيد ما قلناه.
قال الزين بن المنير: فسر البخاري حديث أنس الثاني بحديثه الأول إشارة منه إلى أنه لا تعارض بينهما. قال في "الفتح" وفيه ردٌ على مَنْ زعم الساعات المطلوبة في الذهاب إلى الجُمُعة من عند الزوال؛ لأنهم كانوا يتبادرون إلى الجمعة قبل القائلة.
قلت: هذا غير صحيح؛ لأن المراد بالساعة عند القائل بذلك اللحظات، فهي مجاز كما مرّ.
[رجاله أربعة]
مرّوا، مرّ عبدان وعبد الله في السادس من بدء الوحي، ومرّ حميد في الثاني والأربعين من الإِيمان، ومرّ أنس في السادس منه. ثم قال المصنف: