قوله: في خميصة أي بفتح المعجمة وكسر الميم وبالصاد المهملة، كساء مربع له عَلَمان. وقوله: بأنبجانيَّة أبي جهم، وهي بفتح الهمزة، وحكى كسرها، وسكون النون، وكسر الموحدة، وتخفيف الجيم، وبعد النون ياء النسبة، كساء غليظ لا عَلَم له، يقال كبش أنبجانيّ إذا كان ملتفًا كثير الصوف، وكساء أنبجانيّ كذلك، والصواب أن هذه النسبة إلى موضع يقال له أنبجان، وقيل: منسوب إلى منبج؛ البلد المعروف بالشام، وإذا نسب إليه فتمت الباء فقيل كساء منبجانيّ، أخرجوه مَخْرج منظراني. وخطَّأ أبو موسى المدينيّ من زعم أن النسبة هنا إلى منبج.
وقوله: إلى أبي جهم، إنما خصه -صلى الله عليه وسلم- بإرسال الخميصة إليه؛ لأنه كان أهداها للنبي -صلى الله عليه وسلم-، كما رواه مالك في الموطأ، ووقع عند الزبير بن بكّار ما يخالف ذلك، فأخرج من وجه مرسل "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى بخميصتين سوداوين، فلبس إحداهما، وبعث الأخرى إلى أبي جهم". ولأبي داود من طريق أُخرى. "وأخذ كرديًا لأبي جهم، فقيل: يا رسول الله، الخميصة كانت خيرًا من الكرديّ". قال ابن بطال: إنما طلب منه ثوبًا غيرها ليعلمه أنه لم يرد عليه هديته استخفافًا به. قال: وفيه أن الواهب إذا ردت عليه هديته من غير أن يكون هو الراجع فيها، فله أن يقبلها من غير كراهة، وهذا مبنيّ على أنها واحدة. ورواية