قوله: بينا الناس بقباء، بالمد والصرف وهو الأشهر، ويجوز فيه القصر، وعدم الصرف، وهو يذكر ويؤنث، موضعٌ معروف ظاهرَ المدينة. والمراد هنا مسجد أهل قباء. ففيه مجاز الحذف، واللام في الناس للعهد الذهنيّ، والمراد أهل قباء ومن حضر معهم وقوله: في صلاة الصبح، ولمسلم "في صلاة الغَداة" وهو أحد أسمائها، وقد نقل بعضهم كراهية تسميتها بذلك. وقوله: قد أنزل عليه الليلة قرآن، فيه إطلاق الليلة على بعض اليوم الماضي، والليلة التي تليه، مجازًا، والتنكير في قوله " قرآن" لإرادة البعضية، والمراد قوله تعالي {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}[البقرة: ١٤٤] وفي رواية الأصيليّ "القرآن" بأل التي للعهد، والمراد الآية المذكورة. وقوله: وقد أمر فيه أن ما يؤمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- يلزم أمته، وأن أفعاله يؤتسى بها كأقواله حتى يقوم دليل الخصوص. وقوله: فاستقبَلوها، أي بفتح الموحدة عند الجمهور، على أنه فعل ماض، أي فتحولوا إلى جهة الكعبة. وقوله: وكانت وجوههم إلى الشام، تفسير من الراوي للتحول المذكور، والضمير في "فاستقبلوها" بكسر الباء بصيغة الأمر لأهل قباء، ويؤيد رواية الكسر ما عند المصنف في التفسير بلفظ "وقد أمر أن يُسْتقبل القبلة، ألا فأستقبلوها". فدخول حرف الاستفتاح يشعر بأن الذي بعده أمر, لأنه بقية الخبر الذي قبله، وقد مرت مباحث هذا الحديث مستوفاة غاية الاستيفاء عند ذكر