بالمد جمع أُطم بضمتين وهي الحصون التي تبنى بالحجارة، وقيل: كل بيت مربع مسطح، والآطام جمع قلة، وجمع الكثرة أُطوم، والواحدة أطمة كأكمة، وقد ذكر الزبير بن بكار في أخبار المدينة ما كان بها من الآطام قبل حلول الأوس والخزرج بها، ثم ما كان بها بعد حلولهم، وأطال في ذلك.
[الحديث الثاني عشر]
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ بن عبد الله، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ قال: سَمِعْتُ أُسَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَشْرَفَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ:"هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي لأَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ!! ".
قوله:"أشرف" أي: نظر من مكان مرتفع.
وقوله:"مواقع الفتن" أي: مواضع السقوط، و"خلال" أي: نواحيها، شبه سقوط الفتن وكثرتها بالمدينة بسقوط القطر في الكثرة والعموم، وهذا من علامات النبوءة لإخباره بما سيكون، وقد ظهر مصداق ذلك من قتل عثمان، وهَلُمَّ جرّا، ولاسيما يوم الحرة، والرؤية المذكورة يحتمل أن تكون بمعنى العلم، أو رؤية العين بأن تكون الفتن مثلت له حتى رآها كما مثلت له الجنة والنار في القبلة حتى رآهما. وهو يصلي، وإنما اختصت المدينة بذلك لأن قتل عثمان رضي الله تعالى عنه كان بها، ثم انتشرت الفتن في البلاد بعد ذلك، فالقتال بالجمل، وبصفين كان بسبب قتل عثمان، والقتال بالنهروان كان بسبب التحكيم بصفين، وكل قتال وقع في ذلك العصر إنما تولد عن شيء تولد عنه.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا: مرَّ علي بن المديني في الرابع عشر من العلم، ومرَّ ابن عيينة في الأول من بدء الوحي، والزهري في الثالث منه، وعروة في الثاني منه، وأسامة في الخامس من الوضوء.
أخرجه البخاري أيضًا في المظالم، وعلامات النبوة، والفتن، ومسلم في الفتن.