قوله: عن محمد، قد رواه عارم فيما أخرجه الطبرانيّ عن حماد، فقال: عن حماد عن حفصة، بدل محمد، وله أصل عن حفصة، كما سيأتي في الأحكام عن عبد الوارث عن أيوب عنها، وكذلك أخرجه في تفسير سورة "الممتحنة" عن أيوب عن حفصة، فكأنَّ حمادًا سمعه من أيوب عن كل منهما. وقوله: عند البيعة، أي: لما بايعهنَّ على الإِسلام. وقوله: فما وفت، أي: بترك النوح، وأم سليم هي بنت مِلحان، والدة أنس، وابنة أبي سَبْرة، بفتح المهملة وسكون الموحدة.
وأما قوله: أو ابنة أبي سَبرة، وامرأة مُعاذ، فهو شك من أحد رواته، هل ابنة أبي سَبرة هي امرأة معاذ أو غيرها؟ ويأتي في كتاب الأحكام من رواية حفصة عن أم عطية بالشك أيضًا، والذي يظهر أن الرواية بواو العطف أصح, لأن امرأة معاذ بن جبل هي أم عمرو بنت خِلاد بن عمرو السُّلمية، فعلى هذا فابنة أبي سَبرة غيرها.
وفي الدلائل لأبي موسى عن حفصة عن أم عطية، وأم معاذ بدل قوله "وامرأة معاذ" وكذا في رواية عارم، لكن لفظه "أو أم معاذ بنت أبي سبرة" وفي الطبرانيّ من رواية ابن عَوْن، عن ابن سيرين عن أم عطية، "فما وفت غير أم سليم وأم كلثوم وامرأة معاذ بن أبي سبرة" والصواب ما في الصحيح "امرأة معاذ وبنت أبي سبرة" ولعلّ بنت أبي سَبرة يقال لها أم كلثوم؟
وإن كانت الرواية التي فيها أم معاذ محفوظة، فلعلها أم معاذ بن جبل. وهي هند بنت سَهْل الجُهَنية، ذكرها ابن سعد أيضًا، وعرف بجموع هذا النسوة الخمس، وهي أم سليم وأم العلاء، وأم كُلثوم وأم عمرو وهند، إن كانت الرواية محفوظة، وإلاّ فيظهر أن الخامسة أم عطية راوية الحديث. ويؤيده ما أخرجه الطبرانيّ عن عاصم عن حفصة عن أم عطية بلفظ "فما وفت غيري وغير أم سليم" لكن يعارضه ما أخرجه إسحاق بن راهَوَيْه في مسنده عن حفصة عن أم عطية قالت: كان فيما أخذ علينا أن لا ننوح. وزاد في آخره: وكانت لا تعد نفسها لأنها لما كان يوم الحَرّة لم تزل النساء بها حتى قامت معهن، فكانت لا تعد نفسها لذلك.