كذا للأصيلي وأبي الوقت، والبسملة من الأصل، ولكريمة "باب في الجنائز" وكذا لأبي ذر، لكن بحذف باب، كذا قال في "الفتح"، وفي القسطلانيّ ولأبي الوقت والأصيليَّ: كتاب الجنائز، بسم الله الرحمن الرحيم، باب ما جاء في الجنائز، ولابن عساكر: بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب الجنائز.
والجنائز، بفتح الجيم لا غير، جمع جَنازة بالفتح والكسر لغتان، قال ابن قتيبة وجماعة: الكسر أفصح، وقيل: بالكسر للنعش، وبالفتح للميت، وقالوا: لا يقال نعش إلا إذا كان عليه الميت، واشتقاقها من جَنَزَ إذا ستر، ومضارعه يَجنِز، بكسر النون. قيل: أورد المصنف كتاب الجنائز بين الصلاة والزكاة؛ لأن الذي يفعل بالميت من غسل وتكفين وغير ذلك أهمه الصلاة عليه، لما فيها من فائدة الدعاء بالنجاة من العذاب، ولاسيما عذاب القبر الذي يدفن فيه.
وبعبارة للإنسان حالتان: حالة الحياة، وحالة الممات، ويتعلق بكل منهما أحكام العبادات وأحكام المعاملات، فمن العبادات الصلاة المتعلقة بالأحياء، ولما فرغ من بيان ذلك شرع في بيان الصلاة المتعلقة بالموتى.
وقوله: ومن كان آخر كلامه لا إله إلَّا الله، هذا من الترجمة، وفي غالب النسخ "باب من كان آخر كلامه لا إله إلَّا الله" أي عند خروجه من الدنيا، قيل: أشار بهذا إلى ما رواه أبو داود والحاكم عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "من كان آخر كلامه لا إله إلَّا الله دخل الجنة". قال ابن المنير حذف المصنف جواب مَن مِن الترجمة، مراعاة لتأويل وهب بن منبه، فأبقاه إما ليوافقه أو ليبقى الخبر على ظاهره.
وقد روى ابن أبي حاتم في ترجمة أبي زرعة أنه لما احتضر، أرادوا تلقينه فتذاكروا حديث معاذ، فحدثهم به أبو زرعة بإسناده، وخرجت روحه في آخر قول لا إله إلَّا الله. وكان المصنف لم يثبت عنده في التلقين شيء على شرطه، فاكتفى بما دل عليه، وقد أخرجه مسلم عن أبي هريرة من وجه آخر بلفظ "لقنوا موتاكم لا إله إلَّا الله" وعن أبي سعيد كذلك. قال الزين بن المنير: هذا الخبر يتناول بلفظه من قالها، فبغته الموت، أو طالت حياته، لكن لم يتكلم بشيء غيرها، ويخرج بمفهومه من تكلم، لكن استصحب حكمها من غير تجديد نطق بها، فإن عمل أعمالًا سيئة كان في