الفرع الثاني: هو أن الصحابة كلهم عدول باتفاق أهل السنة على ما حكاه ابن عبد البر، وإن دخلوا في الفتنة نظرًا إلى ما اشتهر عنهم من المآثر الجميلة، ولقوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[آل عمران: ١١٠]، وقوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ...}[البقرة: ١٤٣]، إلى آخر الآية. ولقوله عليه الصلاة والسلام:"لا تَسُبُّوا أصحابي ... " إلى آخر الحديث السابق، ولقوله -عليه الصلاة والسلام- أيضًا:"الله، الله في أصحابي" إلى آخر الحديث السابق قريبًا.
وقيل: لا يُحْكَمُ بعدالة من دخل في فتنة من حين مقتل عثمان، رضي الله تعالى عنه، كالجمل، وصِفّين، إلا بعد البحث عنها، لأن أحد الفريقين مخطئ.
وقيل: القول بالعدالة مختص بما اشتهر منهم، ومَنْ عداهم كسائر الناس -والصحيح الأول تحسينًا للظن بهم، وحملًا لمن دَخَلَ في الفتنة على الاجتهاد، ولا التفات إلى ما يذكره أهل السير، فإن أكثره لا يَصِحُّ، وما صح، فله تأويل صحيح. وما أحسن قول عمر بن عبد العزيز، رحمه الله تعالى: تلك دماء طهر الله منها سيوفنا، فلا نخضب بها ألسنتنا. قال ابن الأنباري: وليس المراد بعدالتهم ثبوت عصمتهم، واستحالة المعصية منهم، بل قبول روايتهم من غير بحث عن عدالتهم، وطلب تزكيتهم- وإلى هذا الفرع أشار العراقي بعد الأبيات السابقة بقوله: