رواية عبد الملك بن أبي سُليمان. عن عطاء، عنه. وهو دون الأول في القوة بكثير.
وتعقبه العيني بأن قوله: ثبت أن أبا هريرة أفتى بالغسل سبعًا. يحتاج إلى البيان، ومجرد الدعوى لا تُسمع، ولئن سلمنا ذلك فقد يُحتمل أن يكون فتواه بالسبع قبل ظهور النسخ عنده، فلما ظهر أفتى بالثلاث.
واحتجوا أيضًا بأن الأمر بذلك، أي: بالسبع كان عند الأمر بقتل الكلاب، فلما نهي عن قتلها نُسخ الأمر بالغسل. وتعُقِّب بأن الأمر بقتلها كان في أوائل الهجرة، والأمر بالغسل متأخر جدًّا, لأنه من رواية أبي هريرة وعبد الله بن مُغَفَّل، وقد ذكر ابن مُغَفَّل أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر بالغسل، وكان إسلامه سنة سبع كأبي هريرة، بل سياق مسلم ظاهر في أن الأمر بالغُسل كان بعد الأمر بقتل الكلاب.
قال في "الفتح": وفي الحديث دليل على أن حكم النجاسة يتعدّى عن محلها إلى ما يجاورها، بشرط كونه مائعًا. وعلى تنجيس المائعات إذا وقع في جزء منها نجاسة. وعلى تنجيس الإِناء الذي يتصّل بالمائع. وعلى أن الماء القليل ينجس بوقوع النجاسة فيه، وإن لم يتغير, لأن الولوغ لا يغير الماء الذي في الإناء غالبًا. وعلى أن ورود الماء على النجاسة يخالف ورودها عليه, لأنه أمر بإراقة الماء لما وردت عليه النجاسة، وهو حقيقة في إراقة جميعه، وأمر بغسله. وحقيقته تتأذى بما يُسمى غسلًا, ولو كان ما يغسل به أقل مما أريق.
قلت: ما ذكره كله مما أخذ من الحديث إنما يدل عليه عند القائل بأن علة الغسل النجاسة لا عند القائل بأن الأمر للتعبد، فلا يدل على شيء مما ذكر.
[رجاله خمسة]
الأول: عبد الله بن يوسف، والثاني مالك بن أنس ومر تعريفهما في الحديث الثاني من بدء الوحي. ومر تعريف أبي الزِّناد والأعرج في الحديث السابع من كتاب الإيمان, ومر تعريف أبي هريرة في الثاني منه.